للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأقول في بيت آخر [له (١)] وهو قوله:

فيوما بخيل تطرد الرّوم عنهم ... ويوما بجود تطرد الفقر والجدبا (٢)

أنشد أبو زكريا يحيى بن علىّ التّبريزيّ: «بجود يطرد» بالياء، وقال: التاء فى «تطرد» للخيل، والياء فى «يطرد» الثانى للجود.

والصواب عندى إنشاد الثانى بالتاء كالأول، وتكون التاءان لخطاب الممدوح؛ لأمرين: أحدهما: أن خطابه قد جاء قبل هذا البيت وبعده، فمجيئه قبله فى قوله:

هنيئا لأهل الثّغر رأيك فيهم ... وأنّك حزب (٣) الله صرت لهم حزبا

وأنّك رعت الدّهر فيها وريبه ... فإن شكّ فليحدث بساحتها خطبا

ومجيئه بعده فى قوله:

سراياك تترى والدّمستق هارب ... وأصحابه قتلى وأمواله نهبى

والأمر الآخر: أنك إذا جعلت التاءين للخطاب علّقت الجارّين بالفعلين /اللّذين بعدهما، ولم تحتج إلى تقدير ما تعلّقهما به، فكأنك قلت: فيوما تطرد الرّوم عنهم بخيل، ويوما تطرد الفقر عنهم بجود، وإذا جعلت «تطرد» للخيل، و «يطرد» للجود كان الفعلان وصفين لخيل وجود، أى فيوما بخيل طاردة عنهم الروم، ويوما بجود طارد عنهم الفقر، فلا بدّ من تقدير ما يتعلّق به الباءان على هذا القول، فكأنك قلت: فيوما تحوطهم بخيل تطرد الروم عنهم، ويوما تنعشهم بجود يطرد الفقر عنهم، فالذى ذهبت إليه هو الصحيح الذى لا يخفى إلاّ على موغل فى التقصير.

...


(١) زيادة من ط، د.
(٢) ديوانه ١/ ٦٢،٦٣، يمدح سيف الدولة.
(٣) منصوب على النداء المضاف. أى: يا حزب الله.