للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبيت لا تأوى ولا نفّاشا

وقول الآخر:

بات يغشّيها بعضب باتر ... يقصد فى أسوقها وجائر (١)

وإنما ساغ ذلك فى هذا الضّرب من الأسماء لصحّة تقدير الاسم بالفعل، والفعل بالاسم، فالتقدير: صافّات وقابضات، وإنّ الذين تصدّقوا وأقرضوا، ولا تأوى ولا تنفش، ويقصد فى أسوقها ويجور، وطرفت وفتّ فيها حصرم.

النّفّاش: الغنم التى تنتشر بالليل فترعى بلا راع، وكذلك الإبل، يقال:

نفشت تنفش نفشا، مفتوح الثانى، وفى التنزيل: {وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} (٢).

... ومنها قوله:

وإذا أشار محدّثا فكأنه ... قرد يقهقه أو عجوز تلطم

إن قيل: كيف قابل القهقهة، وهى صوت، باللّطم، وليس بصوت، وإنما كان حقّ الكلام أن يضع فى موضع «تلطم» تولول، أو تبكى، أو نحو ذلك؛ لأنّه إنّما شبّه حديثه بقهقهة القرد، فشبّه صوتا بصوت، ولا معنى لتشبيه الحديث باللّطم.

وعن هذا السّؤال جوابان: أحدهما أنه شبّه حديثه بقهقهة قرد، أو بلطم عجوز خدّها فى مناحة، ولطم النّساء فى المناحة لا بدّ أن يصحبه صوت، فلمّا


(١) فرغت منه فى المجلس الحادى والسّتّين.
(٢) سورة الأنبياء ٧٨.