للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحصل بهذا الخبر فائدة. وممّا جاء من ذلك فى الشّعر لغير ضرورة قوله (١):

أأكرم من ليلى علىّ فتبتغى ... به الجاه أم كنت امرأ لا أطيعها

أعاد من «أطيعها» ضمير متكلّم، ولم يعد ضمير غائب وفاقا لامرئ.

فهذا دليل إلى (٢) دليل التنزيل. فاعرف هذا وقس عليه نظائره.

... وممّا أهمل مفسّرو شعر أبى الطيّب تعريبه قوله (٣):

بئس اللّيالى سهدت (٤) ... من طربى

شوقا إلى من يبيت يرقدها

يتوجّه فى هذا البيت السّؤال عن المقصود فيه بالذمّ، وما موضع «من طربى» من الإعراب؟ وما الذى نصب «شوقا»؟ وكم وجها فى نصبه؟ وبم يتعلّق «إلى»؟ وكم حذفا فى البيت؟.

فأمّا المقصود بالذمّ فمحذوف، وهو نكرة موصوفة بسهدت، والعائد إليه من صفته محذوف أيضا، فالتقدير: ليال سهدت فيها، ونظير هذا الحذف فى التنزيل، فى قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} (٥)، التقدير: آية يريكم فيها البرق.


(١) قيس بن الملوّح (المجنون)، أو عبد الله بن الدّمينة، أو إبراهيم بن العباس الصولى. ديوان الأول ص ١٩٥، والثانى ص ٢٠٧،٢٠٨، وتخريجه فى ص ٢٦٢، وزيادات ديوان الثالث (الطرائف الأديبة ص ١٨٥). وانظر المغنى ص ٥٨٧، وشرح أبياته ٢/ ١٢٠،١٢١.
(٢) «إلى» هنا بمعنى «مع».
(٣) الديوان ١/ ٢٩٨.
(٤) فى الأصل والديوان «سهرت» بالراء، وأثبتّه بالدال من ط، د، ويؤكّده الشرح الآتى، وقد جاء كذلك بالدال فى الخزانة ٦/ ١٦١، وحكى شرح ابن الشجرى. وكذلك أصلحها شيخنا أبو فهر فى دلائل الإعجاز ص ٤٨٩، لكن ابن الشجرى سيشير قريبا إلى أنه يروى بالراء.
(٥) سورة الروم ٢٤. وانظر كتاب الشعر ص ٣٠٧.