للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالناصب له هو الناصب للملّة، وتقديره: بل نتّبع ملّة إبراهيم حنيفا، وإنما أضمر «نتّبع» لأن ما حكاه الله عنهم من قولهم: {كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا} معناه:

اتبعوا اليهودية أو النّصرانية، فقال لنبيّه قل بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا.

وإنما ضعف مجىء الحال من المضاف/إليه، لأن العامل فى الحال ينبغى أن يكون هو العامل فى ذى الحال.

رجعنا إلى ما بدأنا به من الإخبار عن عمارة بن زياد العبسىّ. قالوا: وكان عمارة يحسد عنترة على شجاعته، إلا أنه كان يظهر تحقيره، ويقول لقومه: إنكم قد أكثرتم من ذكره، ولوددت أنى لقيته خاليا حتى أريحكم منه، وحتى أعلمكم أنه عبد، وكان عمارة مع جوده كثير المال، وكان عنترة لا يكاد يمسك إبلا، ولكن يعطيها إخوته ويقسمها فيهم، فبلغه ما يقول عمارة فقال (١):

أحولي تنفض استك مذرويها ... لتقتلنى فها أنا ذا عمارا

متى ما تلقنى خلوين ترجف ... روانف أليتيك وتستطارا

وسيفى صارم قبضت عليه ... أشاجع لا ترى فيها انتشارا

حسام كالعقيقة فهو كمعى ... سلاحى لا أفلّ ولا فطارا

ومطّرد الكعوب أحصّ صدق ... تخال سنانه فى اللّيل نارا

ستعلم أيّنا للموت أدنى ... إذا دانيت لى الأسل الحرارا

وخيل قد دلفت لها بخيل ... عليها الأسد تهتصر اهتصارا

المذروان: جانبا الأليتين المقترنان، ومن كلام العرب: «جاء ينفض مذرويه (٢)»


(١) ديوانه ص ٧٥، والأبيات أنشدها المصنف فى حماسته ١/ ٢٦، وانظر غريب الحديث لأبى عبيد ٤/ ٤٥٥، والكامل ١/ ١٠٠، والشعر ص ١١٨، وتفسير الطبرى ١١/ ٢٨٣، والتبصرة ص ٢٣٦، وأمالى المرتضى ١/ ١٥٦، والسمط ١/ ٤٨٣، والحماسة البصرية ١/ ١٦، وشرح الجمل ١/ ٤٠٢، والخزانة ٣/ ٣٦٢، واللسان (طير-فطر-هصر-كمع-رنف-عقق-فلل).
(٢) مجمع الأمثال ١/ ١٧١، قال الميدانى: يضرب لمن يتوعّد من غير حقيقة.