للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يمنع الشّرب منها غير أن هتفت ... حمامة فى غصون ذات أوقال

وإضافة «بين» إلى الضمير فى قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (١) والإعراب فى هذه الأحرف ونظائرها حسن، وإنما سرى البناء من المضاف إليه إلى المضاف كما سرى إليه منه الاستفهام فى نحو: غلام أيّهم تضرب؟، والجزاء فى نحو: صاحب من تكرم أكرم.

ووجه إجازة الفرّاء الفتح فى «يوم ينفع» حمله الفعل على الفعل، والقياس يمنع من جوازه، وقد قرئ فيما شذّ من القراءات السبع: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} بنصب «صدقهم (٢)» مع نصب «يوم» وإسناد «ينفع» إلى ضمير راجع إلى الله سبحانه وتعالى، ويحتمل نصب «صدقهم» ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون مفعولا له، أى ينفع الله الصادقين لصدقهم.

والثانى: أن تنصبه على المصدر، لا بفعل مضمر، ولكن تعمل فيه الصادقين، فتدخله فى صلة (٣) الألف واللام، وتقدير الأصل: ينفع الله الصادقين صدقا، ثم أضيف إلى ضمير «هم» فقيل: صدقهم، كما تقول: أكرمت القوم إكراما، وأكرمتهم إكرامهم، قال الله تعالى فى الإفراد: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً} (٤) وفى الإضافة: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} (٥) ومثله: {وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً} (٦) و {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} (٧).


(١) سورة الأنعام ٩٤، وقراءة النصب هذه عن نافع والكسائىّ، وحفص عن عاصم، كما ذكر المصنف فى المجلس التاسع والستين. وانظر السبعة ص ٢٦٣، وتفسير الطبرى ١١/ ٥٤٩، والقرطبى ٧/ ٤٣، ومجالس العلماء للزجاجى ص ١٤٣، والغريبين ١/ ٢٣٤.
(٢) لم أجد هذه القراءة فى المحتسب، ومختصر فى شواذ القراءات، والإتحاف، وقد ذكرها العكبرى فى التبيان ١/ ٤٧٧، وأبو حيان فى البحر ٤/ ٦٣، وزادا فى توجيهها وجها رابعا، سأذكره حين يفرغ ابن الشجرى من ذكر أوجهه.
(٣) فى الأصل «صفة»، وأثبت ما فى هـ‍، وهو فى تقدير العكبرى وأبى حيان، قالا: أى الذين يصدقون صدقهم.
(٤) الآية المتمة الخمسين من سورة النمل.
(٥) سورة إبراهيم ٤٦.
(٦) سورة الأحزاب ١١.
(٧) أول سورة الزلزلة.