للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمن ريحانة الدّاعى السّميع ... يؤرّقنى وأصحابى هجوع

أى الداعى المسمع.

ويحتمل قوله: {كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي} أن يريد به أنهم كانوا إذا سمعوا التلاوة غطّوا وجوههم وسدّوا آذانهم بأصابعهم، كما كان قوم نوح يفعلون ذلك إذا دعاهم إلى الله، وذلك قوله: {وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاِسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ} (١) كانوا يفعلون ذلك مبالغة فى الإعراض عن سماع دعائه والنظر إليه.

[تأويل آية أخرى]

سألنى سائل مكاتبة من المشهد بالغرىّ (٢) على [علىّ (٣)] صاحبه السلام، عن قوله عز من قائل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اِصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا} (٤)، الآية، فقال:

ما معنى/الاصطفاء، وما أصله الذى اشتقّ منه، وما حقيقة معنى المقتصد، وإلى أىّ شيء هذا السّبق، وما معنى الخيرات هاهنا، وكيف دخل الظالم لنفسه فى الذين اصطفاهم الله، وقد قال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفى} (٥) وإلى أىّ شيء تتوجّه الإشارة فى قوله: {ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (٦).

فأجبت بأن معنى (٧) اصطفينا: اخترنا، واشتقاقه من الصّفو، وهو الخلوص من


= ومنع بعضهم أن يكون «فعيل» هنا بمعنى «مفعل» فى بحث طويل تراه فى الخزانة ٨/ ١٧٨، وانظر الكامل ص ٢٦٠.
(١) الآية السابعة من سورة نوح.
(٢) ليس فى هـ‍.
(٣) الغرىّ، بفتح الغين وكسر الراء وتشديد الياء: أحد الغريّين، وهما بناءان كالصومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر على بن أبى طالب رضى الله عنه. معجم ياقوت ٣/ ٧٩٠.
(٤) سورة فاطر ٣٢.
(٥) سورة النمل ٥٩.
(٦) جاء بحاشية الأصل هنا حاشية من كلام لجار الله الزمخشرى، فى توجيه الآية الكريمة، ولم أر فائدة من نقلها، حيث تراها فى الكشاف ٣/ ٣٠٨.
(٧) من هنا إلى قوله: «والواو ياء». أورده القرطبى فى تفسيره ١٤/ ٣٤٧، من غير عزو.