للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد ذكرت (١) قبل أن الصّفون مصدر صفن: إذا ثنى فى وقوفه إحدى قوائمه فوقف على سنبكها، وقد يكون الصّفون أيضا فى غير (٢) هذا جمع صافن، قال عمرو بن كلثوم (٣):

تركنا الخيل عاكفة عليه ... مقلّدة أعنّتها صفونا

وكسير على هذا المعنى من الأوصاف المعدولة عن فاعل إلى فعيل للمبالغة، فكسير أبلغ فى الوصف من كاسر، كما أن رحيما وسميعا وقديرا أبلغ من سامع وراحم وقادر، لأن الموصوف بفعيل هو الذى يكثر منه ذلك الفعل، ومعنى كاسر: ثان، من قولك: ثنى يده: أى لواها، وثنى الفرس قائمته، ومن ذلك قوله تعالى: {ثانِيَ عِطْفِهِ} (٤) أى لاويا عنقه تكبّرا، وانتصاب «كسيرا» على أنه خبر ما يزال.

وقوله: ممّا يقوم على الثّلاث: ما مصدرية، فالمعنى: من قيامه، ومن متعلّقة بالخبر المحذوف، فتحقيق اللفظ والمعنى: ألف القيام على ثلاث فما يزال كسيرا، أى ثانيا إحدى قوائمه، حتى كأنه مخلوق من القيام على الثلاث.

ومثله فى وصف/العين باسم الحدث قول الآخر (٥):

ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل ... وضنّت علينا والضّنين من البخل

كأنه قال: والضنين مخلوق من البخل، ومثله:

*وهنّ من الإخلاف قبلك والمطل (٦) ... *


(١) فى المجلس المذكور.
(٢) فى هـ‍: غيرها.
(٣) من معلقته. شرح القصائد السبع ص ٣٨٩، والمحتسب ٢/ ٨١، وتفسير القرطبى ١٥/ ١٩٣.
(٤) الآية التاسعة من سورة الحج.
(٥) هو البعيث المجاشعى. والبيت من قصيدة فى النقائض ص ١٣٥. وهو فى الخصائص ٢/ ٢٠٢، ٣/ ٣٥٩، والمحتسب ٢/ ٤٦، والمغنى ص ٣٤٤، وشرح أبياته ٥/ ٢٦٥، وشرح شواهده ص ٢٤٦، والخزانة ١٠/ ٢١٦، واللسان (جذم-ضنن).
(٦) للبعيث أيضا. وصدره: *فصدّت فأعدانا بهجر صدودها* -