للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التى هى عواقب الأيام، وجاز حذف العائد من الصلة، وهو أحد جزئى الجملة، على ضعف، كما روى عن رؤبة بن العجّاج أنه قرأ: {مَثَلاً ما بَعُوضَةً} (١) بمعنى الذى هو بعوضة، وعلى هذا قرأ يحيى بن يعمر: {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (٢) أى الذى هو أحسن، وهذا وإن كان قبيحا من حيث كان المحذوف ضميرا مرفوعا، وهو أحد ركنى الجملة، فقد جاء مثله فى الشعر (٣)، نحو ما رواه الخليل عن العرب من قولهم:

ما أنا بالذى قائل لك سوءا، وروى (٤) شيئا، وإنما حسن حذف المبتدأ العائد هاهنا لتكثّر الصّلة بالموصول والجارّ والمجرور، ومثله فى التنزيل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي}


(١) سورة البقرة ٢٦. وقراءة الرفع هذه قرأ بها أيضا الضحّاك، وإبراهيم بن أبى عبلة، وقطرب. راجع معانى القرآن ١/ ٢٢، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ١٥٣، والمحتسب ١/ ٦٤، وتفسير القرطبى ١/ ٢٤٣، والبحر ١/ ١٢٣. والعجب ممّا ذكره ابن الجوزى فى زاد المسير ١/ ٥٥، قال: «وروى الأصمعىّ عن نافع: «بعوضة» بالرفع، على إضمار هو». والإمام نافع أحد القرّاء السبعة، ولم أجد أحدا نسب إليه قراءة الرفع هذه!
(٢) سورة الأنعام ١٥٤. وهى قراءة الحسن والأعمش وابن أبى إسحاق أيضا. راجع المحتسب ١/ ٦٤، ٢٣٤، وتفسير القرطبى ٧/ ١٤٢، والبحر ٤/ ٢٥٥، والإتحاف ص ٢٢٠. وانظر معانى القرآن ١/ ٣٦٥، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ٥٩٣.
(٣) هكذا جاءت كلمة «الشعر»، واضحة فى الأصل، وهـ‍. والشاهد الذى حكاه ابن الشجرى عن الخليل ليس من الشعر فى شيء-وسيأتيك تخريجه-ولعل ابن الشجرى رحمه الله قدسها، أو لعلّ الشاهد قد سقط فى الإملاء. والشاهد الذى أقطع بأنه هو المراد هنا، قول حسان بن ثابت، أو كعب بن مالك رضى الله عنهما: فكفى بنا فضلا على من غيرنا حبّ النبىّ محمد إيانا فى رواية من رفع «غيرنا». والدليل على ذلك أن سيبويه قد استشهد على حذف الضمير المرفوع ببيت حسان، وآية الأنعام، وما حكاه الخليل عن العرب، بهذا الترتيب. راجع الكتاب ٢/ ١٠٧،١٠٨، والخزانة ٦/ ١٢٠، وأيضا فقد أنشد ابن الشجرى البيت المذكور فى المجالس: الحادى والستين، والرابع والسبعين، والثالث والثمانين، شاهدا على رفع «غيرنا».
(٤) ويروى: «قبيحا». راجع الكتاب ٢/ ١٠٨،٤٠٤، والأصول ٢/ ٣٩٦، والإنصاف ص ٣٩١،٣٩٣، وشرح ابن عقيل ١/ ١٦٥، وشرح المفصل ٣/ ١٥٢، والبسيط ص ٥٤٨،٦٨٥، والخزانة ١٠/ ٣٢٥، وانظر أيضا الكشاف ٣/ ٤٩٨، والبحر المحيط ٨/ ٢٩، والمواضع المذكورة من قبل فى المحتسب، وتفسير القرطبى. وقد أعاده المصنف فى المجلسين: الحادى والثلاثين، والثالث والثمانين.