للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنّ امرأ رهطه بالشام منزله ... برمل يبرين جارا شدّ ما اغتربا

أراد: ومنزله برمل يبرين، وكذلك أضمرها الراجز فى قوله:

لما رأيت نبطا أنصارا ... شمّرت عن ركبتى الإزارا (١)

كنت لها من النّصارى جارا

أراد: وكنت (٢)، وليس للجملة فى هذا الوجه موضع من الإعراب، لأنها فى التقدير معطوفة على جملة لا موضع لها.

والثالث: أن تجعل الجملة حالا من التاء فى «سررتنى» والعائد على التاء من حالها هو الضمير المستتر فى «ترعنى» فكأنك قلت: أىّ يوم سررتنى غير رائع لى، وهذه حال مقدّرة كقولك: «مررت برجل معه صقر صائدا به غدا (٣)» أى مقدّرا به الصّيد، ومثله فى التنزيل: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} (٤) أى مقدّرين الخلود، ومن ذلك: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ} (٥) أى مقدّرين التحليق، لأن التحليق لا يكون فى وقت الدخول، وكذلك المراد: أىّ يوم سررتنى بوصالك غير مقدّر أنك تروعنى ثلاثة أيام بصدودك. فهذه ثلاثة أقوال جارية فى مضمار كلام العرب.

ومن روى: «لم ترعنى ثلاثة» برفع «ثلاثة» على إسناد الفعل إليها، كانت


(١) الرجز فى معانى القرآن ١/ ٤٤، وتفسير الطبرى ٢/ ١٤٤، والقرطبى ١/ ٤٣٤، والبيت الأول فى اللسان (نصر) شاهدا على أن «أنصار» بمعنى النصارى. وقد أعاد ابن الشجرى هذا الرجز فى المجلس الرابع والأربعين.
(٢) قدّره فى المجلس المذكور على حذف الفاء، أى: فكنت.
(٣) أعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والسبعين. وهو فى الكتاب ٢/ ٤٩، والمقتضب ٣/ ٢٦١، والأصول ٢/ ٣٨،٢٦٨، والاستغناء فى أحكام الاستثناء ص ٤٢٠، والجمل المنسوب للخليل ص ١٧١، واللسان (خلف)، وانظر كتاب الشعر ص ٢٦٢، وحواشيه.
(٤) سورة الزمر ٧٣.
(٥) سورة الفتح ٢٧.