للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أثبتوا الألف فى موضع الجزم، تشبيها بالياء كقوله (١):

إذا العجوز غضبت فطلّق ... ولا ترضّاها ولا تملّق

وكقول الآخر:

ما أنس لا أنساه آخر عيشتى (٢)

فأما إثباتها فى قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى} (٣) فلأنه نفى لا نهى، أى فلست تنسى إذا أقرأناك، أعلمه الله أنه سيجعل له آية تبين بها الفضيلة له، وذلك أنّ الملك كان ينزل عليه بالوحى فيقرؤه عليه ولا يكرّره، فلا ينسى صلى الله عليه وآله وسلم شيئا مما يوحيه إليه وهو أمّىّ لا يخطّ بيده كتابا ولا يقرؤه، قال الله سبحانه: {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} (٤).

وقوله: {إِلاّ ما شاءَ اللهُ} (٥) فيه قولان: أحدهما: إلا ما شاء الله أن تنساه ثم تذكره بعد، والآخر: إلا ما شاء الله أن يؤخّره فتترك تلاوته على أصحابك إلى وقت آخر، فعلى هذا يكون معنى {فَلا تَنْسى}: فلا تترك، كما قال: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} (٦) أى تركوا الله فتركهم.


= (مضى). وهما روايتان، راجع التعليق السابق. وهناك ثالثة فى ضرائر الشعر «يجاذبن».
(١) رؤبة. ملحقات ديوانه ص ١٧٩، وشرح الحماسة ص ١٧٧١،١٨٥٢، والحلبيات ص ٨٦، وتخريجه مستقصى فى كتاب الشعر ص ٢٠٥.
(٢) تمامه: ما لاح بالمعزاء ريع سراب وقائله حصين بن قعقاع بن معبد بن زرارة، كما ذكر البغدادى فى شرح شواهد الشافية ص ٤١٣، ٤١٤، وانظر كتاب الشعر ص ٢٠٤، وحواشيه. والمعزاء بفتح الميم وسكون العين المهملة، بعدها زاى معجمة: الأرض الصلبة الكثيرة الحصا. والريع: مصدر راع السراب يريع: أى جاء وذهب».
(٣) الآية السادسة من سورة الأعلى. وأصل هذا التأويل عند أبى على، فى كتاب الشعر ص ٢٠٦.
(٤) الآية التاسعة من سورة الحجر.
(٥) الآية السابعة من سورة الأعلى.
(٦) سورة التوبة ٦٧.