للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعيّر بالدهر ربّ الخورنق، فسكون الراء فى هذا القول بناء، على مذهب البصريين، وجزم على مذهب الكوفيين، و «ربّ الخورنق» مفعول، وهو فى القول الأول فاعل.

ومن روى: «وتفكّر ربّ الخورنق» فليس فيه إلا الرفع، لأن «تفكّر» غير متعدّ، فهو مسند إلى ربّ الخورنق، وسكون رائه للإدغام، كسكونها فى {أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} (١) فى الإدغام الكبير لأبى عمرو.

ومن روى «تذكّر» روى «وللهدى تذكير»، وكان القياس: وللهدى تذكّر وتفكّر، لأن مصدر تفعّلت: التّفعّل، فأما التّفعيل فمصدر فعّلت، كقوله: كلّمته تكليما، وسلّمت تسليما، ولكنّ المصدرين إذا تقارب/لفظاهما مع تقارب معنييهما جاز وقوع كلّ واحد منهما موضع صاحبه، كقوله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} (٢).

وربّ الخورنق: النّعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن عمرو ابن عدىّ بن نصر بن ربيعة اللّخمىّ.

ويروى: «والبحر معرضا، ومعرض» ويروى: «والنّخل».

والخورنق والسّدير: بناءان، وهما معرّبان، وكان النّعمان هذا من أشدّ الملوك نكاية، وأبعدهم مغارا، غزا أهل الشام مرارا، وأكثر المصائب فى أهله، وسبى وغنم، وكان قد أعطى الملك والكثرة والغلبة، مع فتاء السّنّ.

قال أبو عثمان بن بحر الجاحظ: عاش النّعمان بن امرئ القيس ثمانين سنة، وبنى الخورنق فى عشرين سنة، وكان لمّا عزم على بنائه بعث إلى بلاد الرّوم فأتى


(١) سورة الأعراف ٢٩.
(٢) الآية الثامنة من سورة المزمل. وقد تكلم ابن الشجرى على وقوع المصادر موقع بعضها بأتمّ من هذا فى المجلس التاسع والخمسين.