للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتزجّجها: فى معنى تزجيجها حاجبيها بالخضاب، والحالك: الشّديد السّواد، واشتقاق التزجيج من الزّجّ (١)، أراد أنها تجعل حاجبيها بالخضاب كالزّجّ فى التحديد.

... جرير بن الخطفىّ (٢):

وكائن بالأباطح من صديق ... يرانى لو أصبت هو المصابا

قالوا فى معنى «كم» الخبريّة: كأيّن وكائن، مثل كاعن، لغتان كثر استعمالهما، إلا أن الخفيفة أكثر فى الشعر، والثقيلة أكثر فى القراءة، ولم يقرأ من السبعة بالخفيفة إلا ابن كثير (٣) وحده، ووافقه من غير السبعة يزيد بن القعقاع المدنىّ، وأصل الثقيلة: أىّ، دخلت عليها كاف التشبيه، فعملت فيها الجرّ، وأزيلتا عن معنييهما، فجعلتا كلمة واحدة مضمّنة معنى «كم» التى للتكثير، ووصل التنوين بها فى الوقف، وجعلت له صورة فى الخطّ، وصار كأنه حرف من الأصل، فلذلك وقف القراء عليها بالنون، اتّباعا لخطّ المصحف، إلا أبا عمرو، فإنه أسقطها؛ لأنها فى الأصل تنوين، ووافقه من غير السبعة يعقوب بن إسحاق الحضرمىّ.

وأما الخفيفة فأصلها: كأيّن، فقدّموا الياء على الهمزة، وحرّكوا كلّ واحدة منهما/بحركة الأخرى، كما يفعلون فيما يقدّمون بعض حروفه على بعض، كقولهم فى جمع بئر: آبار، والأصل: أبآر [فصارت (٤)] كيّئن مثل كيّعن، فخفّفوها كما خفّفوا نحو ميّت فصار كيئن مثل كيعن، فأبدلوا الياء وهى ساكنة ألفا فصارت كائن، كما


(١) الزج: الحديدة التى تركّب فى أسفل الرمح والسّنان. والزّجّ تركز به الرمح فى الأرض.
(٢) ديوانه ص ٢٤٤، وأوسعته تخريجا فى كتاب الشعر ص ٢١٤.
(٣) السبعة ص ٢١٦، والكشف ١/ ٣٥٧، والنشر ٢/ ٢٤٢، فى توجيه الآية ١٤٦ من سورة آل عمران.
(٤) سقط من هـ‍. وانظر سر صناعة الإعراب ص ٣٠٧، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ٢٦٣.