للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الإضمار (١) لا بدّ أن يكون وفق ما قبله فى الغيبة والخطاب [والتكلّم (٢)] لأنّ فيه نوعا من التوكيد، تقول: علمت زيدا هو المنطلق، وعلمتك أنت المنطلق، وعلمتنى أنا المنطلق.

ويتوجّه على هذا سؤالان، أحدهما: كيف وقع ضمير الغيبة بعد ضمير المتكلّم، وحقّ الفصل أن يكون وفقا لما قبله، فيقال: يرانى أنا المصاب.

كما جاء فى التنزيل: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً} (٣).

والسؤال الآخر: أن المفعول الثانى فى باب العلم والظنّ يلزم أن يكون هو المفعول الأول، فكيف جاز أن يكون المراد بالمصاب المصيبة، والمفعول الأول هو الياء من يرانى؟.

والجواب عن السؤالين أن فى قوله: «يرانى» تقدير مضاف يعود ضمير الغيبة إليه، أى يرى مصابى هو المصاب [والمعنى: يرى مصابى هو المصاب (٤)] العظيم، ولو أنه قال: يراه (٥) لو أصبت هو المصابا، فأعاد الهاء من «يراه» إلى الصّديق، والمعنى يرى نفسه، كما جاء فى التنزيل: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى* أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى} (٦)


(١) فى هـ‍: وهذا الضرب من الإبدال يكون وفق. . .
(٢) ساقط من هـ‍.
(٣) سورة الكهف ٣٩. وتَرَنِ هكذا جاءت فى الأصل وهـ‍ بإثبات الياء، وهى قراءة ابن كثير، أثبت الياء فيها فى الوصل والوقف جميعا. وقرأ نافع وأبو عمرو بياء فى الوصل، وبغير ياء فى الوقف، والباقون يحذفون الياء فى الوصل والوقف جميعا. السبعة لابن مجاهد ص ٣٩١، ووافق ابن كثير من العشرة، يعقوب ابن إسحاق الحضرمى. إرشاد المبتدى ص ٤٢٥.
(٤) ساقط من هـ‍، وهو فى الخزانة ٢/ ٤٥٥.
(٥) هذه رواية. قال ابن هشام فى المغنى ص ٥٤٩: «ويروى «يراه» أى يرى نفسه، و «تراه» بالخطاب، ولا إشكال حينئذ ولا تقدير، والمصاب حينئذ مفعول لا مصدر، ولم يطلع على هاتين الروايتين بعضهم فقال: ولو أنه قال «يراه» لكان حسنا، أى يرى الصديق نفسه مصابا إذا أصبت». ولعلّ ابن هشام يعنى ببعضهم ابن الشجرى.
(٦) سورة العلق ٦،٧.