للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجوز أن يكون معطوفا على الجملة النّهييّة التى هى قوله: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} فإن عطفته على المحذوف المقدّر فحسن، ونظيره قوله: {اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} (١).

التقدير: فضرب فانفجرت، وقد جاء ما هو أكثر من هذا، وهو تقدير معطوفين، فى قوله جلّ اسمه: {فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى} (٢) التقدير: فضربوه (٣) فحيى، وجاء ما هو أشدّ من هذا، وهو تقدير ثلاث جمل معطوفة فى قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} -ثم قال: - {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} (٤) فالتقدير: فأرسلوه فأتى يوسف فقال له: /يوسف أيّها الصدّيق. فحذوف القرآن كثيرة عجيبة، والذى ذكرته من التقديرات والحذوف فى هذه الآية مشتمل على حقيقة الإعراب مع المعنى.

وذكر الزجّاج وأبو علىّ فى تفسير قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} تفسيرا تضمّن المعنى دون حقيقة الإعراب، قال الزجّاج فى تقدير (٥) المحذوف: فكما تكرهون أكل لحمه ميتا، كذلك تجنّبوا ذكره بالسّوء [غائبا (٦)] وقال أبو علىّ فى التذكرة: فكما (٧) كرهتم أكل لحمه ميتا فاكرهوا غيبته واتّقوا الله.


(١) سورة البقرة ٦٠.
(٢) سورة البقرة ٧٣.
(٣) فى هـ‍ «ضربوه»، وصوابه بالفاء، كما فى الأصل هنا، وفى المجلس الثالث والأربعين.
(٤) سورة يوسف ٤٥،٤٦.
(٥) فى هـ‍: فى حقيقة المحذوف.
(٦) سقط من هـ‍. وهو فى الموضع السابق من معانى القرآن.
(٧) فى هـ‍ «وكما». وأثبته بالفاء من الأصل، ومما يأتى فى المجلس السادس والسبعين. وقد حكى أبو حيان تأويل أبى على الفارسىّ، ثم تعقّبه، فقال: «وفيه عجرفة العجم». ثم حكى كلام الزمخشرىّ- وفيه مشابه من كلام الفارسىّ وابن الشجرى-وتعقّبه كذلك قائلا: «وفيه أيضا عجرفة العجم». البحر المحيط ٨/ ١١٥، والكشاف ٣/ ٥٦٨. بقى أن أقول: إن كلام الفارسىّ فى رواية ابن الشجرى، شبيه بما أثر معناه عن مجاهد، كما ذكر القرطبى ١٦/ ٣٤٠. وانظر تفسير مجاهد ص ٦١٢.