للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرّتين كقول القائل (١):

إذا جشأت نفسى أقول لها ارجعى ... وراءك واستحيى بياض اللهازم

فقوله: «ارجعى وراءك» بمنزلة ارجعى ارجعى، وعلى هذا حمل قول الله تعالى: {قِيلَ اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ} (٢) [لا على أن «وراءكم» ظرف عمل فيه ارجعوا (٣)] ومنه ما أنشده أبو عبيدة (٤):

فقلت لها فيئي إليك فإنّنى ... حرام وإنّى بعد ذاك لبيب

فهذا كأنه قال: فيئي فيئي، ومثله قول الآخر فيما أنشده أحمد بن يحيى:

اذهب إليك فإنّى من بنى أسد ... أهل القباب وأهل الخيل والنّادى (٥)

انتهت الحكايات عن أبى علىّ رحمه الله.

فإن قيل: فما فاعل الحال فى [قوله: «اشرب هنيئا» وما فاعل الفعل الذى صارت الحال بدلا منه على (٦)] قول أبى علىّ؟

فالجواب: أنّ الفاعل على قوله ضمير المصدر الذى دلّ عليه اشرب، فكأنه قيل: هنيئا شربك، وليهنئك شربك، وهنؤ شربك، وهنأك شربك، ومثله فى إضمار المصدر الذى دلّ عليه فعله قوله تعالى: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْياناً} (٧) أراد


(١) الفرزدق. ديوانه ص ٨٥١، وكتاب الشعر ص ٤.
(٢) سورة الحديد ١٣.
(٣) ساقط من هـ‍. وقال العكبرى: «وراءكم: اسم للفعل، فيه ضمير فاعل، أى ارجعوا ارجعوا، وليس بظرف لقلّة فائدته؛ لأن الرجوع لا يكون إلاّ إلى وراء». التبيان ص ١٢٠٨.
(٤) مجاز القرآن ١/ ١٤٥،٢/ ٣٠٠. والبيت للمضرّب بن كعب بن زهير بن أبى سلمى، كما فى السّمط ص ٧٩١، ونسب إلى غيره. راجع كتاب الشعر ص ٣، والاقتضاب ص ٤٧٥، وحواشى المجاز والسّمط. وقوله «لبيب» أى ملبّ بالحج، وحرام: أى محرم.
(٥) قائله عبيد بن الأبرص. ديوانه ص ٤٩، وكتاب الشعر ص ٤، ومختارات ابن الشجرى ص ٣٧٢.
(٦) ساقط من هـ‍.
(٧) سورة الإسراء ٦٠.