للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليت، نصبت قوله: وشرّك. ومرتوى] مرفوع، و «عن» فى الوجهين متعلّقة بمرتوى، وجاز تعلّقها به، حملا على المعنى، لا بموجب اللفظ، لأن حقّ اللفظ أن يقول: ارتويت منه أو به، ولكنه محمول على معنى كافّ، لأن الشارب إذا روى كفّ عن الشّرب.

ومثله فى القرآن: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (١) وليس حقّ خالف أن يعدّى بعن، ولكنه محمول على معنى يعدلون عن أمره، ومثله تعدية الرّفث بإلى، فى قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ} (٢) ولا يقال: رفثنا إلى النساء، إلا أن ذلك جاء حملا على الإفضاء فى قوله: {وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ} (٣) وقد استقصيت هذا الفنّ فيما تقدم (٤).

وارتوى بمعنى روى، جاء افتعل بمعنى فعل، كقولهم: رقى وارتقى، ومثله من الصّحيح خطف واختطف.

و «الماء» بمقتضى ما ذهب إليه أبو علىّ مرفوع، وفى رفعه تأويلان: أحدهما أن تقدّر مضافا، أى ما ارتوى شارب الماء، أو أهل الماء، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فاكتسى إعرابه، كقول مهلهل (٥):

واستبّ بعدك يا كليب المجلس

أى أهل المجلس، وفى التنزيل: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} (٦) [أى حبّ العجل (٧)].


(١) سورة النور ٦٣، وحول الآية كلام كثير، ذكرته فى المجلس الثانى والعشرين.
(٢) سورة البقرة ١٨٧.
(٣) سورة النساء ٢١.
(٤) فى المجلس الثانى والعشرين.
(٥) فرغت منه فى المجلس الثامن.
(٦) سورة البقرة ٩٣.
(٧) ساقط من هـ‍. وهو ثابت فى المجلسين: الثامن، والثامن والسّتين.