للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحروف الأصول، لدلالة ما يبقى على ما يلقى، كحذفهم النون فى لم يك، والياء فى لا أدر (١)، وفى قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} (٢) وإذا استجازوا ذلك فى الأصول، كان فى الزيادة أجوز، فإن لم يكن أجوز كان الزائد مساويا للأصل فى هذا، فإذا ساغ حذف بعض الحروف الأصلية، لدلالة الباقى عليه، كذلك يجوز حذف بعض الزائد، لدلالة الباقى منها عليه.

وقوله: إن الحرفين اللذين زيدا معا لمعنى، لو جاز حذف أحدهما تبعه الآخر، كالزائدين فى سعدان ونحوه: غير لازم، لأن السين والتاء زيدا معا فى باب استفعل، وقد قالوا: اسطاع يسطيع، فحذفوا إحداهما لأن الباقية تدلّ على المحذوفة، وهما فى كونهما زائدين معا لمعنى، كالميم والواو فى مفعول.

وشيء آخر ينفصل به جنسا الزّيادتين، وهو أن الزيادتين فى مفعول وقعتا متفرّقتين غير متطرّفتين، والألف والنون فى مروان ونحوه، وقعا متلاصقين (٣) متطرّفين فلما وقعا بهذين الوصفين كان الحذف أغلب عليهما، إذ كان الطّرف موضعا تحذف فيه الأصول فى الترخيم والتكسير والتحقير، فقد افترق حكما جنسى الزيادتين بما بيّنته لك.

ويزيد ذلك عندك وضوحا، أن من حذف ياءي (٤) النّسب لياءى النّسب، فقال /فى النسب إلى بختىّ: بختىّ، لم يحذف الألف من يمان ونحوه، إذا نسب إليه، وإن كانت الألف كإحدى الياءين من يمنىّ، قد (٥) زيدت هى والياء جميعا لمعنى، وإنما


(١) يأتى الكلام عليها إن شاء الله فى المجلس الثالث والخمسين.
(٢) الآية الرابعة من سورة الفجر.
(٣) فى هـ‍: متلاصقتين متطرفتين.
(٤) قال المبرد: «فإن كانت الياء زائدة مثقلة فلا اختلاف فى حذفها لياء النسب، وذلك قولك فى النسب إلى بختىّ: بختىّ فاعلم، وإلى بخاتىّ: بخاتىّ فتصرف؛ لأن الياء الظاهرة ياء النسب» المقتضب ٣/ ١٣٨، وانظر التبصرة ص ٦٠٣، والمقرب ٢/ ٥٤.
(٥) فى هـ‍: وقد.