للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضّعف والضّعف: لغتان، كالزّعم والزّعم، والفقر والفقر، وزعم قوم أن الضّعف بالضمّ فى الجسم، والضّعف فى العقل، وليس هذا بقول يعتمد (١) عليه، لأن القرّاء قد ضمّوا الضاد وفتحوها فى قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} (٢).

[مسألة]

إن قيل: كيف كرّر المعنى فى قوله:

والبين جار على ضعفى وما عدلا

لأنه أثبت للبين الجور، ونفى عنه العدل، والمعنى فيهما واحد؟

فالجواب: أن الجائر فى وقت قد يعدل فى وقت آخر، فيوصف بالجور إذا جار، وبالعدل إذا عدل، وشبيه بذلك فى التنزيل قوله تعالى، فى وصف الأوثان:

{أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ} (٣) فوصفها بأموات قد دلّ (٤) على أنها غير أحياء، والمعنى أنها أموات لا تحيى فى مستقبل الأزمان، كما يحيى الناس عند قيام الساعة.

ومنها (٥):


(١) ابن الشجرى يوافق البصريين فى أن اللغتين سواء، جاء فى اللسان (ضعف) بعد حكاية معنى الفتح والضم: «وقيل هما معا جائزان فى كلّ وجه، وخصّ الأزهرىّ بذلك أهل البصرة، فقال: هما عند أهل البصرة سيّان، يستعملان معا فى ضعف البدن وضعف الرأى». وقد رأيت كلام الأزهرىّ هذا فى كتابه التهذيب ١/ ٤٨٢، محرّفا هكذا: «قلت: هما عند جماعة أهل البصر باللغة لغتان جيدتان، مستعملتان فى ضعف البدن وضعف الرأى». ويدلك على أن هذا الكلام محرّف ومزال عن وجهه استعمال كلمة «جماعة» فلو كان المراد أهل البصرة والمعرفة، لما كان هناك حاجة إلى استعمال هذه الكلمة.
(٢) سورة الروم ٥٤، وانظر السبعة ص ٥٠٨، والكشف ٢/ ١٨٦، وأدب الكاتب ص ٥٥٥، وإصلاح المنطق ص ٩١، (باب فعل وفعل باتفاق معنى).
(٣) سورة النحل ٢١.
(٤) هذا تأويل الأخفش. معانى القرآن له ص ٣٨٢، وزاد المسير ٤/ ٤٣٧.
(٥) ديوانه ٣/ ١٦٣.