للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكرّر لفظة «الموت» ثالثة، وهو من الضّرب الأول.

ومثل قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ} قوله: {فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} (١) كرّر لفظ {أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ} تفخيما لما ينيلهم من جزيل الثّواب، وكرّر لفظ {أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} تعظيما لما ينالهم من أليم العذاب.

وأمّا قوله تعالى: {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ} (٢) فليس هذا تكريرا من الفنّ الذى قدّمت ذكره، ولكنه يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون توكيدا، كتكرير الجمل للتوكيد، نحو قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (٣) وكقول الخنساء (٤):

هممت بنفسى بعض الهموم ... فأولى لنفسى أولى لها

وكقول القائل (٥):

وكلّ حظّ امرئ دونى سيأخذه ... لا بدّ لا بدّ أن يحتازه دونى

وكقول عمرو بن كلثوم (٦):


(١) سورة الواقعة ٨،٩.
(٢) سورة الواقعة ١٠.
(٣) سورة الشرح ٥،٦، وقد تكلّم ابن الشجرىّ على السورة كلّها فى المجلس السادس والسبعين.
(٤) ديوانها ص ١٢١، والخصائص ٣/ ٤٤، وتفسير القرطبى ١٩/ ١١٥، واللسان (ولى). وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السادس والسبعين.
(٥) عروة بن أذينة. والبيت من قصيدته الجيدة التى يقول فيها: لقد علمت وما الإشراف من خلقى أن الذى هو رزقى سوف يأتينى أسعى له فيعنّينى تطلّبه ولو جلست أتانى لا يعنّينى ديوانه ص ٣٨٦، وتخريجه فيه. وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس المذكور. و «الإشراف» بالشين المعجمة-وهى الرواية العالية-ومعناه الاستشراف والتطلّع إلى أمور الدنيا ومكاسبها.
(٦) تمامه: ألمّا تعرفوا منّا اليقينا شرح القصائد السبع ص ٤١٣، وكتاب الشعر ص ٥.