للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعنى: ليس هذا هكذا، ومثله فى مجىء الاستفهام والمراد به الخبر المنفىّ قوله تعالى: {أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} (١) أى لم يخلقوا شيئا، وجاء بمعنى الخبر الموجب فى قوله: {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} (٢) المعنى: الله يكفى عبده، و {هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى} (٣) أى أدعوك إلى أن تزكّى، وبمعنى الخبر المنفىّ قوله: {أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ} (٤) أى ليسا سواء، ويكون خبرا بافتخار، كقوله تعالى حاكيا عن فرعون: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} (٥) ومما جاء فيه الاستفهام بمعنى الخبر الموجب، قول جرير (٦):

ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح

أى أنتم خير من ركب المطايا، فلذلك قال عبد الملك حين أنشده هذا البيت:

/نحن كذلك، ولو قال جرير هذا على جهة الاستخبار، لم يكن مدحا، وكيف يكون هذا استفهاما، وقد جعل الرواة لهذا البيت مكانا عليّا، حتى قال بعضهم:

هو أمدح بيت (٧).

وقد جاء لفظ الاستفهام الصريح المستعمل بالهمزة وأم، خبرا فى قول القائل (٨):

ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت حيث تناطح البحران


(١) سورة فاطر ٤٠، والأحقاف ٤.
(٢) سورة الزمر ٣٦.
(٣) سورة النازعات ١٨.
(٤) سورة فصلت ٤٠.
(٥) سورة الزخرف ٥١.
(٦) ديوانه ص ٨٩،١٠٥٣، وانظر الخصائص ٢/ ٤٦٣،٣/ ٢٦٩، والمغنى ص ١١، وشرح أبياته ١/ ٤٧، والجمل المنسوب للخليل ص ٤٦،٢٤٧، وأنشده بهاء الدين السّبكى، فى عروس الأفراح ٢/ ٢٩٧ (شروح التلخيص)، حكاية عن ابن الشجرى. وهو فى غير كتاب.
(٧) راجع طبقات فحول الشعراء ص ٣٧٩، وفهارسه، والمصون ص ٢٢.
(٨) الفرزدق. ديوانه ص ٨٨٢، وكتاب الشعر ص ٤٧٠.