للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زيدا، وذلك نحو قول المذنب لسيّده، أو لذى سلطان [عليه (١)]: افعل بى ما شئت، وابلغ منّى رضاك، تذلّلا منه وإقرارا بذنبه.

ويكون لفظ الأمر أيضا لإظهار عجز الذى وجّه إليه ذلك اللفظ، ويسمّى هذا الضرب تحدّيا، كقوله جلّ وعلا: {أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} (٢) فلما عجزوا عن ذلك قال: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} (٣) وقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} (٤) يدلّك على أن المعنى تبيين عجزهم عن ذلك قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (٥) وقوله: {قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (٦).

ويكون لفظ الأمر أيضا تنبيها على القدرة، والمخاطب غير مأمور بأن يحدث فعلا، فيكون بفعل ذلك الفعل مطيعا، وبتركه له عاصيا، كقوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً} (٧) يعنى لو كنتم حجارة أو حديدا لأعدناكم، ألم تسمع إلى قوله حاكيا عنهم ومجيبا لهم: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (٧) فهذا يبيّن لك أنّ لفظ الأمر فى هذا الموضع تنبيه على قدرته سبحانه.

ويكون لفظ الأمر أيضا لما لا فعل فيه لمن وجّه إليه أصلا، كقوله: {فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} (٨) المعنى: فكوّنّاهم قردة، ألا ترى أن هذا ليس من الأمر


(١) ليس فى هـ‍.
(٢) سورة هود ١٣.
(٣) سورة يونس ٣٨.
(٤) سورة البقرة ٢٣.
(٥) سورة البقرة ٢٤.
(٦) سورة الإسراء ٨٨.
(٧) سورة الإسراء ٥٠،٥١.
(٨) سورة البقرة ٦٥.