للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المجلس الخامس والثلاثون

القول فى النّداء (١) وهو الدّعاء

عامّة الناظرين فى المعانى يزعمون أنّ لفظ النداء لمعنى واحد، لا يتجاوزه/إلى غيره، قالوا: لأنّ قولك: يا زيد، ويا عبد الله، صوت يدلّ المدعوّ على أنك تريد منه أن يقبل عليك، لتخاطبه بما تريد أن تخاطبه به، وليس النداء إخبارا ولا استخبارا، ولا أمرا ولا نهيا، ولا تمنّيا ولا عرضا، وإنما تلقى إلى المدعوّ من هذه المعانى ما شئت بعد دعائك إيّاه، قالوا: والدّليل على أنه صوت خال من هذه المعانى أنّ البهائم تنادى بأصوات موضوعات لها، وهى لا تخبر ولا تستخبر، كقولهم للإبل إذا دعوها للشّرب: جأجأ، مهموز، يقولون: جأجأت بإبلى، ويقولون للضأن إذا دعوها: حاحا، وللمعز: عاعا، غير مهموزين، والفعل منهما: حاحيت وعاعيت، والمصدر الحيحاء والعيعاء (٢)، عن ابن السّكّيت، وأنشد:

يا عنز هذا شجر وماء ... وحجرة فى جوفها صلاء (٣)

عاعيت لو ينفعنى العيعاء ... وقبل ذاك ذهب الحيحاء


(١) فى هـ‍: الدعاء وهو النداء.
(٢) راجع الكتاب ٤/ ٣١٤،٣٩٣، والمنصف ٣/ ٧٧، واللسان (حا) ٢٠/ ٣٣٣.
(٣) شرح الشواهد الكبرى للعينى ٤/ ٣١٣،٣١٤، حكاية عن ابن الشجرىّ، والتصريح على التوضيح ٢/ ٢٠٢. والصّلاء بكسر الصاد: الشّواء.