للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه خبر كان المظهر، ويقدّر المحذوف بلفظ المذكور (١)، وهو القياس، ونظير ذلك فى حذف الخبر لدلالة الخبر الآخر عليه، وهما من لفظ واحد، قول الشاعر (٢):

/نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأى مختلف

أراد: نحن بما عندنا راضون، فحذفه لدلالة راض عليه، ومثله فى دلالة أحد الخبرين على الآخر، فى التنزيل: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (٣) التقدير: والله أحقّ أن يرضوه، ورسوله أحقّ أن يرضوه، ولو كان خبرا عنهما لكان: يرضوهما (٤).

فالتقدير على هذا: وكان شرّك كفافا، وهذا على أن يكون «ارتوى» مسندا إلى مرتوى.

وذهب أبو عليّ (٥) إلى أن الخبر مرتو، وكان حقّه مرتويا، ولكنه أسكن الياء


(١) حكى البغدادىّ عن الرضيّ وابن الحاجب فى أماليه-ولم أجده فى المطبوع منها-أن «كفافا» خبر عن الخير والشرّ معا. قال ابن الحاجب: «أى ليت خيرك وشرّك بالنسبة إلىّ لا يفضل أحدهما عن الآخر؛ لأن الكفاف هو الذى ليس فيه فضل. يريد: إن شرّك زائد على خيرك، فأنا أتمنّى لو كان غير زائد». ثم عقّب البغدادىّ: «وفيه ردّ على ابن الشجرى، فى زعمه أن كفافا إنما هو خبر خيرك، وخبر شرّك محذوف مدلول عليه بالمذكور».
(٢) هو عمرو بن امرئ القيس، جاهلىّ قديم. وهذا بيت دائر فى كتب العربية. انظر الكتاب ١/ ٧٥، ومعانى القرآن للفراء ١/ ٤٣٤،٤٤٥،٢/ ٣٦٣،٣/ ٧٧، وللأخفش ص ٨٢،٣٣٠، ومجاز القرآن ١/ ٢٥٨، وتأويل مشكل القرآن ص ٢٨٩، والمقتضب ٣/ ١١٢،٤/ ٧٣، وتفسير الطبرى ١٤/ ٢٢٩، والإنصاف ص ٩٥، والمغنى ص ٦٢٢، وشرح أبياته ٧/ ٢٩٩. وينسب إلى قيس بن الخطيم. انظر زيادات ديوانه ص ١٧٣، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس التالى والسابع والسبعين.
(٣) سورة التوبة ٦٢.
(٤) وهذا منهى عنه شرعا، أن يجمع بين الله ورسوله فى ضمير واحد. ففى حديث عدى بن حاتم أن رجلا خطب عند النبى صلّى الله عليه وسلم: فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعضهما فقد غوى. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله»: صحيح مسلم (باب تخفيف الصلاة والخطبة من كتاب الجمعة) ص ٥٩٤، ومسند أحمد ٤/ ٢٥٦، وتفسير القرطبى ١٤/ ٢٣٢ (تفسير الآية ٥٦ من سورة الأحزاب). وانظر كتاب الشعر ص ٣١٦ وحواشيه.
(٥) نصّ البغدادىّ على أن أبا علىّ ذكره فى التذكرة. الخزانة ١٠/ ٤٧٢، وانظر الإيضاح ص ١٢٣، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ١٤٣، وما سبق فى المجلس الثامن والعشرين.