للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المجلس الثامن والثلاثون]

يتضمّن فنونا من المعانى والإعراب، فمن ذلك قول مهيار فى مرثية (١):

أحسنت فيك فساءهم تقصيرهم ... ذنب المصيب إلى المعين المقصد

معناه مشكل، مفتقر إلى تفسير مستوفى، وذلك أن المعين هو اسم المفعول، من قولهم: عانه: إذا أصابه بعينه، وأصله معيون، كقولك: بعت الثوب فهو مبيع، وأصله مبيوع، فحذفت ضمة الياء، فالتقى ساكنان، الياء والواو، فحذفت إحداهما، على الخلاف بين سيبويه والأخفش، وقد مضى ذكر ذلك فى الأمالى السالفة (٢).

والمقصد: هو المقتول، من قولهم: رماه فأقصده: إذا قتله فى مكانه، وفى الكلام تقدير مبتدأ ومضاف محذوفين، كأنه لما تمّت الجملتان اللتان هما أحسنت فيك فساءهم تقصيرهم، ابتدأ بجملة أخرى، فقال: ذنبى إليهم مثل ذنب المصيب /بالعين إلى المصاب، فحذف المبتدأ الذى هو ذنبى، ثم حذف المضاف الذى هو مثل، والمعنى: إن المصيب بالعين لا ذنب له فى الحقيقة، لأن كلّ من أبصر لا يعدّ مذنبا بنظره إلى المستحسنات، ولا يكون أيضا مذنبا إذا استحسن بقلبه كلّ مستحسن ينظر إليه، لأنه لم يقصد بذلك المنظور إليه، وإنما نظره واستحسانه طبع، لا يقدر على تركه، فقال: كذلك أنا جوّدت فى هذا الشعر ووصفك أيّها المرثىّ بطبعى، فساء هؤلاء القوم تقصيرهم عن مثله، وإن كنت لم أقصد بذلك


(١) ديوانه ١/ ٢٥٢، يرثى الشريف الرضى. والرواية فى الديوان: المغير المعضد.
(٢) فى المجلس الحادى والثلاثين.