للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن، للزجاج والنحاس ومكى بن أبى طالب، والحجة فى القراءات، لأبى على الفارسى، والكشف عن وجوه القراءات لمكى بن أبى طالب، ثم من جاء بعد هؤلاء، كأبى البركات الأنبارى، فى كتابه «البيان فى غريب إعراب القرآن»، وأبى البقاء العكبرى، فى كتابه «التبيان فى إعراب القرآن» (١).

ولقد كانت هذه المصنفات الروافد التى أمدّت كتب النحو المتأخرة بذلك الفيض الزاخر من أوجه الإعراب المختلفة.

ولعل «أمالى ابن الشجرى» هو أول كتاب نحوى حفل بظاهرة الإعراب، فإن الناظر فى كتاب «الأمالى» يستوقفه هذا الحشد الهائل من الوجوه الإعرابية فى آيات القرآن الكريم، وشواهد الشعر القديم والمحدث. وقد استكثر ابن الشجرى من الإعراب، مفردا له بعض مجالسه، أو مستطردا إليه من خلال ما يعرض له من مسائل العربية المختلفة التى يستفتى فيها ويسأل عنها. وابن الشجرى بهذه المثابة يمثل البداية الحقيقية للنحو التطبيقى التعليمى.

وقد كان لابن الشجرى وجوه من الإعراب، خالف بها من سبقوه، ووجوه أخرى انفرد بها وخولف فيها. وهو حريص فى كل ذلك على أن يؤكد أن الإعراب مرتبط بصحة المعنى أو فساده، وأن المعنى يقدم على الوجه الإعرابى (٢) وإن كان جائزا، وأنه لا بد من إعطاء الكلام حقّه من المعنى والإعراب.


(١) طبع قديما باسم: إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات فى القرآن. والصحيح ما أثبت.
(٢) العلاقة بين المعنى والإعراب عالجها النحاة من قبل ابن الشجرى، وتعرض لها ابن جنى فى أكثر من موضع من كتابه الخصائص، فقال فى ١/ ٢٨٣: «باب فى الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى: فإن أمكنك أن يكون تقدير الإعراب على سمت تفسير المعنى، فهو ما لا غاية وراءه، وإن كان تقدير الإعراب مخالفا لتفسير المعنى، تقبلت تفسير المعنى على ما هو عليه، وصححت طريق تقدير الإعراب، حتى لا يشذ شيء منها عليك». وقال فى ٣/ ٢٥٥: «باب فى تجاذب المعانى والإعراب: وذلك أنك تجد فى كثير من المنثور والمنظوم، الإعراب والمعنى متجاذبين، هذا يدعوك إلى أمر، وهذا يمنعك منه، فمتى اعتورا كلاما ما أمسكت بعروة المعنى، وارتحت لتصحيح الإعراب» وانظر تقدمتى لكتاب الشعر ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>