للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على المعنى، كما تقول: جاء الفريقان متسلّحين، وجاء الجيشان متفرّقين.

وأما مجىء الحال أعنى طائعين، بلفظ جمع التذكير، ففيه قولان:

أحدهما: أن الأشياء التى أخبر (١) [الله عنها بأنها خوطبت وخاطبت، كالسماء والأرض، والأشياء التى أخبر] عنها بالسجود، فى قوله: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} (٢) والنملة التى أخبر الله عنها بأنها تكلّمت فقالت: {يا أَيُّهَا النَّمْلُ اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ} (٣) والنّمل التى فهمت ذلك الكلام، أجريت كلّها مجرى العقلاء، لأن الخطاب والإجابة عنه مما يختصّ به العقلاء، وكذلك السجود والكلام وفهمه، ممّا يوصف به ذوو العقول، فلذلك قال: طائعين، ولم يقل: طائعات، وقال: {رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ}، ولم يقل: رأيتها لى ساجدات، وقال فى خطاب النملة (٤) [للنمل] {اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ} ولم يقل: ادخلن مساكنكنّ لا يحطمنّكنّ.

والقول الآخر فى طائعين: أن المراد أتينا نحن ومن فينا طائعين، والقول الأول أشبه.

وأما قوله: {طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} فطوعا وكرها مصدران، وضعا فى موضع الحال، كقولك: جئته ركضا (٥) [أى راكضا] وقتلته صبرا، أى مصبورا، والمصبور المحبوس، قال عنترة:

فصبرت عارفة لذلك حرّة ... ترسو إذا نفس الجبان تطلّع (٦)


(١) سقط من هـ‍.
(٢) سورة يوسف ٤.
(٣) سورة النمل ١٨.
(٤) سقط من هـ‍.
(٥) وهذا أيضا سقط من هـ‍.
(٦) تقدم فى المجلس الثانى والعشرين.