للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحذفوا المفعول الثانى، فبقى: عمرك الله، وإنما ساغ حذف المفعول الثانى، لكون الفعل متعديا إلى مفعولين، ليس الثانى منهما هو الأوّل، كقولك: أعطيت زيدا درهما.

ومعنى عمّرتك الله: أى سألت الله تعميرك، فلهذا لم يكن قولهم: عمرك الله، قسما فى هذا المذهب، وكان إخبارا بأنك داع للمخاطب بالتعمير. فهذه جملة القول فى مذهب من نصب اسم الله تعالى.

وأمّا من رفع، فقال: عمرك الله، فإنّ أبا الفتح عثمان بن جنّى، قال:

حكى أبو عثمان المازنى: عمرك الله، بالرفع، وله وجه، ولم يذكر أبو الفتح الوجه فيه، وقال أبو عليّ عقيب كلامه، فى عمرك الله: ووجدت فى بعض الكتب:

حكي عن أبى العباس، عن أبى عثمان/أنه سمع أعرابيّا يقول: عمرك الله، قال أبو عليّ: ولا يجيء هذا على تفسير النصب، والمعنى فيه، إن كان ثبتا، أنه أراد:

عمّرك الله تعميرا، فأضاف المصدر إلى المفعول، وذكر الفاعل بعد، كقول الحطيئة (١):

أمن رسم دار مربع ومصيف

انتهى كلامه.

وأقول: إن المصدر المقدّر بأن والفعل المتعدّى، إذا أعمل مضافا، أضيف تارة إلى الفاعل، كقوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ} (٢) وتارة إلى المفعول، كقول الحطيئة:

أمن رسم دار مربع ومصيف ... لعينيك من ماء الشّئون وكيف


(١) ديوانه ص ٢٥٣، والإيضاح ص ١٥٨، وشرحه المقتصد ١/ ٥٥٩، والإيضاح فى شرح شواهده ص ١٧١، وشرح المفصل ٦/ ٦٢، والخزانة ٣/ ٤٣٦، واللسان (رسم).
(٢) سورة البقرة ٢٥١، والحج ٤٠.