للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أضيف إلى أفعال، ويدلّ على كونها بدلا من أفعال، تذكيرهم العدد المضاف إليها، فى قولهم: ثلاثة أشياء، فكما صارت بمنزلة أفعال فى هذا الموضع، بالدلالة التى ذكرت، كذلك يجوز تصغيرها، من حيث جاز تصغير أفعال، ولم يمتنع تصغيرها على اللفظ، من حيث امتنع تصغير هذا الوزن فى غير هذا الموضع، لارتفاع المعنى المانع/من ذلك عن أشياء، وهو أنها صارت بمنزلة أفعال، وإذا كان كذلك لم يجتمع فى الكلمة ما يتدافع من إرادة التقليل والتكثير فى شيء واحد. انتهى كلامه.

وأقول فى تفسير قوله «إنّ أفعلاء فى هذا الموضع صارت بدلا من أفعال»:

يعنى أنه كان القياس فى جمع شيء: أشياء (١)، مصروف، كقولك فى جمع فيء:

أفياء، على أن تكون همزة الجمع هى همزة الواحد، ولكنهم أقاموا أشياء، التى همزتها للتأنيث، مقام أشياء التى وزنها أفعال، واستدلاله فى تجويز تصغير أشياء على لفظها بأنها صارت بدلا من أفعال، بدلالة أنهم أضافوا العدد (٢) إليها، وألحقوه الهاء، فقالوا:

ثلاثة أشياء، مما لا تقوم به دلالة، لأنّ أمثلة القلّة وأمثلة الكثرة يشتركن فى ذلك، ألا ترى أنهم يضيفون العدد إلى أبنية الكثرة، إذا عدم بناء القلّة، فيقولون: ثلاثة شسوع (٣)، وخمسة دراهم.

وأما إلحاق الهاء فى قولنا: ثلاثة أشياء، وإن كان أشياء مؤنثا، فلأنّ الواحد مذكّر، ألا ترى أنك تقول: ثلاثة أنبياء، وخمسة أصدقاء، وسبعة شعراء، فتلحق الهاء وإن كان لفظ الجمع مؤنّثا، وذلك لأنّ الواحد نبىّ وصديق وشاعر، كما أنّ واحد أشياء: شيء، فأىّ دلالة فى قوله: ويدلّ على كونها بدلا من أفعال، تذكيرهم العدد المضاف إليها فى قولهم: ثلاثة أشياء؟

وأقول: إن الذى يجوز أن يستدلّ به لمذهب الأخفش، أن يقال: إنما جاز


(١) هكذا جاء فى الأصل بالرفع، ووجهه: «أشياء، مصروفا».
(٢) سبق أنّ عبارة أبى علىّ «العدد القليل».
(٣) الشسوع: جمع شسع، وهو أحد سيور النّعل. وله معان أخرى. وراجع الكتاب ٣/ ٤٩١، ٥٧٥، والشعر ص ١٣٩، واللسان (شسع).