للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقبلن، وانحذفت التاء التى في هنتاه، لمجيء تاء جمع التأنيث بعدها، كما انحذفت تاء مسلمة في مسلمات (١).

ومما خصّوا به النداء، قولهم: اللهمّ (٢)، ولم يستعملوا فيه حرف النداء، إلا أن يضطرّ شاعر، كما قال:

إنّى إذا ما حدث ألمّا ... أقول يا اللهمّ يا اللهمّا (٣)

وإنما لم يجمعوا بين الميم وحرف النداء؛ لأنهم إنما ضمّوا الميم إلى هذا الاسم، تعالى مسمّاه، عوضا من حرف النداء. هذا قول البصريّين، وهو الصّواب، لا ما ذهب إليه يحيى بن زياد الفراء، من قوله: إن هذه الميم مأخوذة من فعل، وأنهم أرادوا: يا الله أمّنا بخير، أى اقصدنا، فخذفوا همزة «أمّ» تخفيفا.

وهذا القول يبطل بما سأذكره لك، فلك أن تقول: يا الله، بقطع الهمزة، ويا الله، بوصلها، ولك أن تقول: اللهمّ، وإنما ثقّلوا الميم، ليعوّضوا حرفين من حرفين.

وقال أبو علىّ فى مذهب الفرّاء: ليس هذا القول بشىء، لقول الله عزّ وجلّ: {وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً} (٤) فلو كان المراد: يا الله أمّنا، لأغنى هذا الفعل عن جواب الشرط، وكانت الميم سادّة مسدّ الجواب، كما تقول: يا ربّنا قابل فلانا إن كان باغيا.


(١) فلم يقل: مسلمتات. راجع كتاب الشعر ص ١٧٣.
(٢) انظر حواشى المقتضب ٤/ ٢٣٩، والإنصاف ص ٣٤١، ومراجع تخريج الشاهد الآتى.
(٣) البيتان ينسبان لأمية بن أبى الصلت-وليسا فى ديوانه، طبعة بغداد-ولأبى خراش الهذلى، وهما له فى شرح أشعار الهذليين ص ١٣٤٦، وفيه التخريج. وانظر أيضا نوادر أبى زيد ص ٤٥٨، وضرورة الشعر ص ١٢٨، والبغداديات ص ١٥٩، وسرّ صناعة الإعراب ص ٤١٩،٤٣٠، والتبصرة ص ٣٥٦، والإنصاف ص ٣٤١، والتبيين ص ٤٥٠، وفى حواشى هذه الكتب مراجع أخرى.
(٤) سورة الأنفال ٣٢.