للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا، فَيَحْتَكرونَهُ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِ كَبِدِهِ (١) فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ، فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ الله، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ)) (٢).

[٥٥] وَمِنْ وَصِيَّةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

لسعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين أرسله إلى العراق (٣)

((يَا سَعْدُ، سَعْدَ بَنِي وُهَيْبٍ، لا يَغُرَّنَّكَ مِنَ اللهِ أَنْ قِيلَ خَالُ رَسُولِ الله وصاحبُ رسولِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، فَإِنَّ اللهَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إِلا طَاعَتَهُ، فَالنَّاسُ شَرِيفُهُمْ وَوَضِيعُهُمْ فِي ذَاتِ اللهِ سَوَاءٌ، اللهُ رَبُّهُمْ وَهُمْ عِبَادُهُ، يَتَفَاضَلُونَ بِالْعَافِيَةِ، وَيُدْرِكُونَ مَا عِنْدَهُ بِالطَّاعَةِ، فَانْظُرِ الأَمْرَ الَّذِي رَأَيْتَ النبي عَلَيْهِ مُنْذُ بُعِثَ إِلَى أَنْ فَارَقَنَا فَالْزَمْهُ فَإِنَّهُ الأَمْرُ، هَذِهِ عِظَتِي إِيَّاكَ إِنْ تَرَكْتَهَا وَرَغِبْتَ عَنْهَا حَبِطَ عَمَلُكَ، وَكُنْتَ مِنَ الْخَاسِرِينَ.


(١) أراد بعمود كبده: ظهره، وذلك أنه يأتي به على تعبٍ ومشقةٍ، وإن لم يكن جاء به على ظهره، وإنما هو مَثَل، وإنما سمي الظهر عمودًا؛ لأنه يعمدها، أي: يقيمها ويحفظها. (جامع الأصول لابن الأثير: (٤٣٢)).
(٢) رواه مالك في الموطأ (٢٣٩٨) وعبد الرزاق في المصنف (١٤٩٠١) و (١٤٩٠٣).
(٣) العراق: هو البلاد التي يمر فيها نهرا دجلة والفرات ثم شط العرب إلى البحر، وكان يقسم إلى عراق العرب، وهو ما غرب دجلة والشط، وعراق العجم، وهو ما شرق دجلة والشط. (معجم المعالم الجغرافية: ص٢٠٢).

<<  <   >  >>