للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُعْطُوهُ، وَأَنَا أَسْعَدُ بِأَدَائِهِ إِلَيْهِمْ مِنْهُمْ بِأَخْذِهِ، فَلَا تَحْمَدَنِّي عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ مَا أُعْطِيتُمُوهُ، وَلَكِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ فِيهِ فَضْلًا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ أَحْبِسَهُ عَنْهُمْ، فَلَوْ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ عَطَاءُ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْعُرَيْبِ (١) ابْتَاعَ مِنْهُ غَنَمًا، فَجَعَلَهَا بِسَوَادِهِمْ ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الْعَطَاءُ الثَّانِيَةَ ابْتَاعَ الرَّاسَ فَجَعَلَهُ فِيهَا.

فَإِنِّي - وَيْحَكَ يَا خَالِدُ بْنَ عُرْفُطَةَ - أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَلِيَكُمْ بَعْدِي وُلَاةٌ لَا يُعَدُّ الْعَطَاءُ فِي زَمَانِهِمْ مَالًا، فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ قَدِ اعْتَقَدُوهُ فَيَتَّكِئُونَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ نَصِيحَتِي لَكَ وَأَنْتَ عِنْدِي جَالِسٌ كَنَصِيحَتِي لِمَنْ هُوَ بِأَقْصَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ لِمَا طَوَّقَنِي اللهُ مِنْ أَمْرِهِمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ مَاتَ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ)) (٢))) (٣).

[٦٣] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

للنخعيين وقد استنفرهم لقتال العدو

((يَا مَعْشَرَ النَّخْعِ، إِنِّي أَرَى السَّرْو (٤) فِيكُمْ مُتَرَبِّعًا، فَعَلَيْكُمْ


= لَا يَأكُلُ الطَّعَامَ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِ، فَإِنَّهُ لَيُنْفِقُهُ فِيمَا يَنْبَغِي وَفِيمَا لَا يَنْبَغِي.
(١) الْعُرَيْبِ: تَصْغِير الْعَرَب.
(٢) رواه البخاري في صحيحه (٧١٥٠) ومسلم في صحيحه (١٤٢) وأحمد في المسند (٢٠٢٩١) والدارمي في السنن (٢٨٣٨) وابن حبان في صحيحه (٤٤٩٥).
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: ٣/ ٢٩٨ - ٢٩٩ وابن عساكر في تاريخ دمشق: ٤٤/ ٣٥٤.
(٤) في مصنف ابن أبي شيبة ط الرشد (الشَّرَفَ)، وقوله: ((أرى السرو فيكم متربعاً)) أي: أرى =

<<  <   >  >>