للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتقدير (كل) محذوف مضاف إلى متكبر، كأنه قيل: كذلك يطبع الله على كل قلب كل متكبر، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وحسن لظهور المعنى المراد. وبذلك ينتفي المعارض للعموم في القلب ويحصل الموجب للعموم في المتكبر. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ١١]

[الفاء في قوله تعالى: "فتصبح الأرض محضرة"]

وقال أيضاً بالقاهرة سنة ثلاث عشرة على قوله تعالى: "أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة" (١):

الفاء للتعقيب من غير مهلة، وإصباح الأرض مخضرة بعد النزول إنما يكون بمهلة. والجواب (٢): أن هذه الفاء فاء السببية، وفاء السببية لا يشترط فيها ذلكن وإنما شرطها أن يكون ما بعدها مسبباً عن الأول كما لو صرح بالشرط. ألا ترى إلى صحة قولك: إن يسلم زيد فهو يدخل الجنة، مع العلم بالمهلة العظيمة بينهما. ثم لو سلم ههنا أنها لمجرد العطف لم يلزم ما ذكره من نفي المهلة، فإن ذلك إنما يكون على حسب ما يعده الناس متعقباً، والاخضرار بد الإنزال بعده الناس متعقبا، ولا يعد مثل ذلك فيه مهلة (٣). ألا ترى إلى صحة قولك: تزوج زيد فولد له ولد، وإن كان لا يكون إلا بعد مهلة في الوجود،


(١) الحج: ٦٣.
(٢) والجواب: سقطت من س.
(٣) وقد أجاب الرضي عن ذلك بقوله: "ثم اعلم أن إفادة الفاء للترتيب بلا مهلة لا ينافيها كون الثاني المترتب يحصل بتمامه في زمان طويل إذا كان أول أجزائه متعقباً لما تقدم كقوله تعالى: "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة". فإن اخضرار الأرض يبتدئ بعد نزول المطر لكن يتم في مدة ومهلة، فجيء بالفاء نظراً إلى أنه لا فصل بين نزول المطر وابتداء الاخضرار". شرح الكافية ٢/ ٣٦٧. وانظر ما قاله ابن هشام في هذه الآية في شرح شذور الذهب ص ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>