للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف الناس في مسألة العطف على عاملين، فمنهم من يمنعه وهم أكثر البصريين، ومنهم من يجيزه وهم أكثر الكوفيين، ومنهم من يفصل فيقول: أما مثل قولك: في الدار زيد والحجرة عمرو، فجائز. وأما مثل قولك: زيد في الدار وعمرو الحجرة، فلا يجوز. ويزعم أن هذا ثابت عن العرب، ويعلله بأن إحدى المسألتين، المجرور فيها يلي العاطف، فقام العاطف فيها مقام الجار. وفي المسألة الأخرى ليس المجرور فيا يلي العاطف، فكان فيها إضمار الجار من غير عوض (١).

وأما من يمنع العطف على عاملين، فيقول في الآية: إن (آيات) فيها تأكيد لآيات الأولى، ومثل هذا عنده جائز، حتى (٢) لو كانت موضع (آيات) الأخيرة لفظة أخرى لم يجز.

ومن قال بالتفصيل فهذا غير جوزه، ويزعم أن مثله: ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة (٣). وقول أبي دؤاد:

أكل امرئ تحسبين أمرأ ... ونار توقد بالليل ناراً (٤).

...

ومعناه: إنكار أن يعتقد أن صورة الشخص بمجردها توجب الصفات الحميدة لذلك الجنس، كما أنه ليس كل نار توقد توجب أن تكون ناراً مفيدة


(١) انظر توضيح هذه المسألة في مغني اللبيب لابن هشام ٢/ ٤٨٧ (تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد).
(٢) وردت هذه الكلمة هكذا في جميع النسخ. ولا يستقيم المعنى بها. والأحسن: أما.
(٣) قال سيبويه: "وإن شئت نصبت شحمة، وبيضاء في موضع جر، كأنك أظهرت كل، فقلت: ولا كل بيضاء". الكتاب ١/ ٦٥ - ٦٦. وانظر مجمع الأمثال ٢/ ٢٨١.
(٤) البيت من المتقارب. وهو من شواهد سيبويه ١/ ٦٦. والكامل ١/ ٦٩ (مكتبة المعارف بيروت). والمفصل ص ١٠٦. والمقرب لابن عصفور ١/ ٢٣٧ (تحقيق أحمد عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري. بغداد). والشاهد فيه قوله: ونار، فقد حذف المضاف وترك المضاف إليه على إعرابه. وأبو دؤاد قائل هذا البيت شاعر جاهلي قديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>