للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثاني: أن تكون (كخشية الله) على ظاهرها نعتاً لمصدر محذوف، فيكون قوله: (أو أشد خشية)، من باب قولهم: جد جده، كأنه جعل للخشية خشية مبالغة، كما جعل للجد جد مبالغة، فيكون ذكر خشية بعد أشد على أنه معنى للخشية لا على أنه جنس، وإن وافق لفظه، فيكون مثل قولك: زيد أشد خشية. وعلى هذا يجوز أن يكون (أشد) معطوفاً على خشية الله المجرورة بالكاف لكونه مصدراً، ولمصادر يجوز حذف موصوفاتها، يكون التقدير: خشية مثل خشية الله، أو مثل خشية أشد من خشية الله.

والوجه الثالث: أن يكون (أشد) منصوباً بفعل مضمر دل عليه (يخشون) الأول، فيكون التقدير: يخشون الناس خشية مثل خشية الله، أو يخشون الناس أشد خشية، فتكون الكاف نعتاً لمصدر محذوف، و (أشد) حالاً، وهذا أولى لوجهين: أحدهم: أنه جرت فيه الكاف على ظاهرها، ولا يلزم ما ذكروه في أن المعطوف يشارك المعطوف عليه في العامل، لأن ذلك في المفردات، وهذه جمل، ولا يلزم في مفردات الجمل المعطوف بعضها على بعض أن تكون من باب واحد. والوجه الثاني: أن قوله: "فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً" (١) ليس له وجه مستيم إلا هذا، فينبغي أن يكون هذا في الإعراب مثله لموافقته لفظه، لأنك في (أشد ذكرا)، لا يستقيم أنتقول: هو حال، لأن قوله: (كذكركم)، يمنعه بالظاهر وبالتقدير، ولا يستقيم أن تكون الكاف نعتاً لمصدر محذوف، لأن (أشد ذكرا) يمنعه، ولا يمكن أن يكون (اشد) معطوفاً على (ذكركم)، لأنه كان يجب فيه الخفض، ولا يستقيم أن يكون (أشد) معطوفاً على الكاف والميم في قوله: (كذكركم)، لأنه يكون عطفاً على المضمر المجرور من غير إعادة عامل، وإذا قدرناه جملتين استقام، فيكون المعنى:


(١) البقرة: ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>