للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو علي الفارسي (١): إنما جاز ذلك مع أن التثنية قد استفيدت من الاسم لأنه أريد مجرداً عن الصغر والكبر (٢)، وعلي ذلك يجوز أن يكون (٣) فيه فائدة زائدة (٤) لم تستفد من قوله: كانتا، وتقديره أنه قد علم أن السماء العدد لمطلق المعدودات من غير اعتبار صفة مخصوصة فأطلق ههنا لهذا الغرض. ويرد عليه أن اللفظ وإن كان صالحاً لإطلاقه على الشيء مجرداً عن الصفات باعتبار الذات لا يصح إطلاقه خبراً دالاً على التجريد عن الصفات، وإنما يعني باللفظ ذاته الموضوعة له. ألا ترى أنك إذا قلت: جاءني رجل، لا يفهم منه إلا ذات من غير أن يدل على تجريد عن مرض أو جنون أو عقل (٥). ثم ولو سلم صحة إطلاق اللفظ لذلك فهو ههنا لا يصح، إذ لو صح لجاز أن يقال: فإن كانتا على أي صفة حصلت، ولو قيل ذلك لم يصح، لأن تثنية الضمير في (كانتا) لم تصح إلا للإخبار عنه باثنتين، مثل قولك: من كانتا جديتك. فتثنية (كانتا) وإن كان باعتبار الضمير يعود على من لم يصح إلا للإخبار عنه بالمثني، وأولى من ذلك أن يقال: الضمير في (كانتا) عائد على الكلالة، والكلالة تكون واحداً واثنين وجماعة (٦). فإذا أخبر باثنين حصلت به فائدة، ثم لما كان الضمير الذي في (كانت) العائد على الكلالة هو في المعنى اثنين صح تثنيته،


(١) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان الإمام أبو علي الفارسي. واحد زمانه في علم العربية. أخذ عن الزجاج وابن السراج. من مصنفاته: الحجة، الإيضاح العضدي، التكملة توفي سنة ٣٧٧ هـ. انظر إنباه الرواة على أنباه النحاة لأبي الحسن علي بن يوسف القفطي ١/ ٢٧٣ (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم).
(٢) انظر الإيضاح العضدي ١/ ١٢١ (تحقيق الدكتور حسن شاذلي فرهود).
(٣) في الأصل: تكون. وما أثبتناه من د وهو الأحسن.
(٤) زائدة: سقطت من م.
(٥) في ك: تحول. وهو تحريف.
(٦) الكلالة: اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد. إملاء ما من به الرحمن ١/ ١٧٠، القرطبي ٥/ ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>