للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب الأول والثاني أن يكون لمقت الله إياكم في الدنيا، ولمقت الله في الآخرة أيضاً صالح لهما. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ٢٢]

[استعمال "إذ" في قوله تعالى: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم}]

وقال أيضاً مملياً بالقاهرة سننة ثلاث عشرة على قوله تعالى: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} (١):

يجوز أن يكون (إذ ظلمتم) بدلا من اليوم (٢)، فيكون المعنى: إذ ثبت ظلمكم، والعامل في (إذ) ما عمل في اليوم، وهو إما النفع المنفي على معنى: أن انتفاعكم في ذلك اليوم منتف، كما تقول: ما نفعني زيد في الدنيا. فالمنفي النفع باعتبار الدنيا، وهو معنى العامل. وعلى هذا لا يكون المنفي من جهة الآية النفع مطلقاً، وإنما هو نفي نفع مخصوص مقيد بكونه في الآخرة. ويجوز أن يكون العامل ما في (لن) من معنى النفي، أي: انتفى في هذا اليوم النفع (٣)، فيكون المنفي النفع مطلقاً.

فإن قلت: فالأشكال في (إذ) باق، لأنها للمضي، وإذا جعلتها من (اليوم)، واليوم يوم القيامة، فقد استعملتها لما هو مستقبل. فالجوابُ: أن النفع المقدر في ذلك اليوم المقصود بالنفي على أن يكون النفي هو العامل إنما يُقدر بعد


(١) الزخرف: ٣٩.
(٢) أجازه ابن جني في الخصائص ٣/ ٢٢٤، والزمخشري في الكشاف ٣/ ٤٨٩. ونقل ابن هشام عن ابن جني قوله: "راجعت أبا علي مراراً في قوله تعالى: "ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمت"، الآية، مستشكلاً إبدال "إذ" من اليوم، فآخر ما تحصل فيه أنّ الدنيا والآخرة متصلتان، وأنهما في حكم الله سواء، فكأن اليوم ماض، أو كأن إذ مستقبلة. انظر مغني اللبيب ١/ ٨٧ (دمشق).
(٣) في س: النفي. وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>