للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قراءة ابن عامر وحمزة وحفص وهي المشكلة (١)، فقيل: لما مصدر من قوله: {أكلا لما} (٢)، أي: وإن كلا جميعاً، ثم حذف التنوين إجراء للوصل مجري الوقف (٣)، وهو ضعيف، لأن استعمال لما في هذا المعنى بعيد، وحذف التنوين من المنصرف في الوصل أبعد.

وقيل: أصله: لمن ما، فأدغمت النون في الميم، فاجتمع ثلاث ميمات، فاستثقل اجتماع الأمثال، فحذفت الميم الأولى، فبقى لما، وهذا بعيد لا ينبغي أن يحمل عليه كتاب الله، فإن حذف مثل هذه الميم استثقالاً لم يثبت في كلام ولا شعر، فكيف يحمل عليه كتاب الله.

وقيل: (لما) فعلى من اللم (٤)، ومنع الصرف لأجل ألف التأنيث، والمعنى فيه مثل معنى لما المنصرف، وهذا أبعد، إذ لا يعرف لما فعلى بهذا المعنى ولا بغيره، ثم كان يلزم هؤلاء أن يميلوا لمن أمال، وهو خلاف الإجماع، وأن يكتبوها بالياء، وليس ذلك بمستقيم.

ولو قيل: إن (لما) هذه هي لما الجازمة، حذف فعلها للدلالة عليه، لما ثبت من جواز حذف فعلها في قولهم: خرجت ولما، وسافرت ولما، ونحوه، وهو سائغ فصيح. فيكون المعنى: وإن كلا لما يهملوا أو لما يتركوا، لما تقدم من الدلالة عليه من تفصيل المجموعين لقوله: {فمنهم شقي وسعيد} (٥)، ثم ذكر الأشقياء والسعداء ومجازاتهم، ثم بين ذلك بقوله: {ليوفينهم ربك


(١) قال أبو جعفر النحاس: "والقراءة الثالثة بتشديد هما جميعاً عند أكثر النحويين لحن" إعراب القرآن ٢/ ١١٥.
(٢) الفجر: ١٩.
(٣) نسب الزجاج هذا القول لأبي علي. إعراب القرآن ٣/ ٨٤١.
(٤) نسب هذا القول لأبي عبيد القاسم بن سلام. إعراب القرآن للنحاس ٢/ ١١٥.
(٥) هود: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>