للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} (١):

"إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان. وفيه معنى الشرط غالباً. واحترز بذلك عن مثل قوله: {والليل إذا يفشي والنهار إذا تجلي} (٢)، وأشباهه. فإنه لا يستقيم أن يكون فيها معنى الشرط في هذه الحال لأنه يلزم أن يكون ما قبلها هو في المعنى مشروطها. ولا يستقيم أن يكون القسم الإنشائي مشروطاً، لوجوه: منها: أن الإنشاء ثابت فلا يقبل تعليقاً. ومنها: أن المعلق إنما يكون في المعنى خبراً، والإنشاءات ليست أخباراً. ومنها: أنا قد علمنا أن القسم ثابت في قصد المتكلم، وما كان كذلك لا يصح تعليقه.

واللغة الفصيحة ترك الجزم بإذا (٣). فيقال: إذا تركمني أكرمك. واللغة القليلة الجزم (٤). ولا فرق بين أن تدخل معها "ما" أو لا تدخل.

وأصل "إذا" أن تدخل على الأمور التي لابد من حصولها، كقولك: إذا طلعت الشمس، ومن ثم لم يجزموا بها لكونها فارقت الشرط الصريح في الإبهام. ألا ترى أن "متى" لما جرت في الإبهام مجرى "إن" جزموا بها اتفاقاً، فقالوا: متى تكرمني أكرمك. فعلى اللغة الفصيحة لا يقال: (سمعوا) في موضع جزم، وعلى الأخرى هو في موضع جزم.

وقد اختلف في عامل "إذا" الشرطية، فأكثرهم على أن العامل جوابها،


(١) القصص: ٥٥.
(٢) الليل: ١، ٢.
(٣) قال ابن يعيش: "ولا يجازي بها فيجزم ما بعدها لما تقدم من توقيتها وتعيين زمانها، فلذلك كان ما بعدها من الفعل مرفوعاً". شرح المفصل ٤/ ٩٧.
(٤) من ذلك ما رواه ابن هشام في المغنى ١/ ٩٨ (دمشق):
استغن ما أغناك ربك بالغني ... وإذا تصبك خصاصة فتجمل
...

<<  <  ج: ص:  >  >>