للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غافلا عن المسموع منه لم يتعذر معنى السماع. وإنما المسموع منه بالنسبة إلى السمع كالمشموم منه بالنسبة إلى الشم. فكما أن الشم لا يتعدى إلا إلى واحد باتفاق (١)، فكذلك السماع.

وأما (٢) الجواب عن الثاني: فإنهم لما حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه للعلم به وجب تقديره باعتبار مرتبته، وقرينته لا تكون إلا صوتاً، فذكر بعده حال بين خصوصية ليست مفهومة من ذلك المتعلق. فقائلا، ويقول ذلك: في موضع نصب على الحال، وليس مثل قولك: سمعت قول زيد قائلا، ولا مثل ضربت زيداً ضارباً بالسوط، لأنه ههنا قدر غير الأول، وثم قدر مثله أو نوعه فافترقا لذلك. ويخرج قوله: هل يسمعونكم إذ تدعون؟، على أن المقدر: هل يسمعون أصواتكم؟ وهو أبلغ في المعنى المقصود من: هل يسمعون (٣) دعاءكم؟؛ لأنه إذا تحقق أنهم لا يدركون (٤) نفس الصوت فهم في انتفاء إدراك الدعاء أجدر.

قال: واللغو اسم لما لا فائدة فيه من الكلام. فيجوز أن يكون ههنا مصدراً موصوفاً به، كأنه قيل: الكلام اللغو أعرضوا عنه، جواب لإذا. والمقصود من سياق الآية ذكرهم بالرفق واللين مع المعرفة والإيمان، وهذه كانت صفتهم لذلك قصداً منهم إلى دعائهم والتلطف في إرشادهم، فيعرضون عما يأتون به من اللغو، ويأخذون فيما يقصدون به إرشادهم وهدايتهم وذلك معلوم من عوائد الداعين والمدعوين، فإنهم لو نافروهم من أول الأمر لكان سبباً في


(١) في ب: بالاتفاق.
(٢) أما: ساقطة ن س.
(٣) على أن المقدر ... يسمعون: سقطت هذه العبارة من ب.
(٤) في الأصل وفي ب، م: يدرون. وما أثبتناه من د، س وهو الأصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>