للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول منكراً على إنسان ضرب زيداً: لم ضربت هذا الرجل الصالح؟، إذا كانت تلك صفته عند المخاطب أو عند المتكلم. ويجوز أن يكون ليس من خطابهم لهم، ولكن قالوه (١) لأنفسهم أو لغيرهم من المؤمنين، فيجوز أن يكون لفظ الجاهلين من قولهم، ويجوز أن يكون من الحاكي أيضاً على الوجه الأول، ليشمل ذكر الحكم والعلة بلفظ واحد، والجمل كلها في موضع نصب للمصدر (٢) المؤقت للقول عند المحققين، وفي موضع نصب على المفعول به في قول الأكثرين. والصحيح أن القول غير متعد، وأن ما يذكر بعده (٣) من مثل ذلك مصدر (٤). والدليل عليه أنه لو كان مفعولاً به لكان غيره مما تتوقف عقليته عليه، وليس كذلك، وبيان أنه ليس غيره أنك إذا قلت: قلت، فقد اشتمل دلالة على القول، كما أنك إذا قلت: قعدت، فقد دل على العقود، فكما أنك إذا ذكرت قعوداً خاصاً لا تخرجه عن المصدرية في قولك: قعدت القرفصاء، باتفاق، فكذلك إذا ذكرت قولاً خاصاً لا تخرجه عن المصدرية. وزيد قائم، في قولك قلت: زيد قائم، قول خاص كالقرفصاء بالنسبة إلى القعود في كونها قعوداً خاصاً. فيجب أن يحكم عليهما جميعاً بالمصدر أو بالمفعول. ولا قائل بالمفعول لما ذكرناه، فوجب الحكم بالمصدر. وإنما توهم أولئك المفعولية من وجهين: أحدهما: حملهم القول على التلفظ والمعلق على المعنى، فوجودا للفظ باعتبار المعنى تعلقاْ. والآخر: أن توهموا أن القول في تعلقه بالمقول كالعلم في تعلقه بالمعلوم، وذهلوا أن ذلك المتعلق هو نفس القول، وإنما يذكر


(١) في م: قالوا. والصواب ما أثبتناه، لأنه لابد من وجود الضمير ليتم المعنى.
(٢) في ب، د، س: على المصدر.
(٣) بعده: سقطت من ب.
(٤) وهذه المسألة خالف فيها ابن الحاجب جمهور النحاة. قال ابن هشام: "جملة الحكاية بالقول مفعول به وهو قول الجمهور". المغني ٢/ ٤٦٠ (دمشق).

<<  <  ج: ص:  >  >>