للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقدر معها ما هو سبب لما ذكر بعدها، وإن كانت عاطفة احتيج إلى جملة تكون هي عقبيها، وكلا الأمرين ليس بظاهر في الآية. فالجواب: أنه (١) للسببية، لأن معنى: أيحب أحدكم؟، نفي الحب، لأن همزة الإنكار إذا دخلت على الفعل كان الفعل بعدها نفياً، إما نفي طلب، أي: نهي كقوله: {أتأخذونه} (٢). وإما نفي حصول، كقوله: {أيحب أحدكم}. ولما كان المعنى: ما يحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً، ذكر ما هو مسبب عن هذا المنفي وهو تحقق الكراهة وثبوته. ويجوز أن يقال: إنه لما نهي عن الغيبة على صيغة شبهها بما هو مكروه من معتادهم وهو أكل لحم المغتاب ميتاً، وأتى به على صيغة الإنكار تنبيهاً على أنه مما لا يفعلونه. ثم كان ذلك التشبيه سبباً لذكر تحقق الكراهة، فقال بعد ذلك: فكرهتموه، فكان ذكر تحقيق الكراهة وثبوتها مسبباً عن هذا التشبيه الذي قصد به تأكيد كراهة ما نهي عنه، إذ به يتحقق توبيخهم في وقوعهم في الغيبة المشبهة ما يأبونه ويكرهونه. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ٥٣]

[الاستثناء في قوله تعالى: {إلا أن يشاء الله}]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً. إلا أن يشاء الله} (٣):

الوجه فيه أن يكون استثناء مفرغاً، كقولك: لا تجيء إلا بإذن زيد، ولا تخرج إلا بمشيئة فلان، على أن يكون الأعم المحذوف حالاً أو مصدراً. فتقدير


(١) وردت هذه الكلمة في جميع النسخ هكذا. والأنسب: أنها.
(٢) النساء: ٢٠.
(٣) الكهف: ٢٣، ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>