للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٦٤]

[معنى التوقع في قوله تعالى: {فلعلك تارك}]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك} (١): ألفاظ التوقع إذا وردت من الله تعالى فهي محمولة على التوقع من المخاطب كقوله تعالى: {لعله يتذكر} (٢)، بمعنى: اذهبا على توقعكما ذلك. وقوله: فلعلك تارك، بمعنى: أن التوقع منك للترك حاصل لأجل هذه العلة والتعنت المذكور، وهو قولهك: {لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك} (٣). والله أعلم بالصواب.

[إملاء ٦٥]

[معنى قوله تعالى: "لو كنت أعلم الغيب"]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى: {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} (٤): إن قيل: قد علم أنه لا يقع إلا ما أراده (٥) الله تعالى: وما يريده الله تعالى متحقق في علمه لا يتيغر، فكيف يستقيم أن يفعل من علم الغيب ما لم يكن فاعلاً له لو لم يعلم؟. فالجواب: أن مما علمه الله تعالى وأراده أن الأفعال لا يقع من العالم بها في الغالب إلا ما هو نفع له غير مضر، فاستقام أن يقال: لو كنت أعلم بالغيب، لأنه كان يكون المقدر من أفعاله أكثرها ما هو خير له، فكأنه قيل: لو كنت أعلم الغيب لكان الواقع مني من الأفعال أكثرها خير لي (٦). والله أعلم بالصواب.


(١) هود: ١٢.
(٢) هود: ١٢.
(٣) في س: أراد.
(٤) طه: ٤٤.
(٥) الأعراف: ١٨٨.
(٦) المتكلم هو الرسول عليه السلام. وفي معنى الآية أقوال: منها: لو كنت أعلم ما يريد الله عز وجل مني قبل أن يعرفنيه لفعلته. ومنها: لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب لقاتلت فلم أغلب. ومنها: لو كنت أعلم متى أموت لاستكثرت من العمل الصالح. انظر القرطبي ٧/ ٣٣٦، إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ١/ ٦٥٥، معاني القرآن للفراء ١/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>