للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٧٢]

[إعادة الظاهر بدلا من الضمير في قوله تعالى: {استطعما أهلها}]

وقال أيضا ممليا بدمشق سنة اثنتين وعشرين على قوله تعالى: {حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها} (١): إنما أعاد (الأهل) بلفظ الظاهر لأحد أمرين: أحدهما: أن (استطعم) صفة لقرية، فلا بد من ضمير يعود من الصفة الجملية إليها. ولا يمكن عوده إلا كذلك لأنه لو قيل: استطعماهم لكان الضمير لغيرها. ولو قيل: استطعما ها لكان على التجوز، إذ القرية لا تستطعم حقيقة. فلما لم يكن بد من ذكر الصمير العائد إلى القرية ولا يمكن ذكره إلا وهو مضاف إليه إلا بذكر المضاف، ولا يمكن ذكر المضاف مضمرا لتعذر إضافة المضمر، تعين ذكره ظاهرا. ولا يرد عليه أن (استطعما) جواب لإذا لا صفة لقرية، لأنا نقول: الظاهر أنه صفة لقرية، وأن (قال) هو جواب (إذا) لقوله في القصة الأخرى: {حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال} (٢). فـ (قال) ههنا جواب (إذا) متعين. ولا يستقيم أن يكون (فقتله) جوابه، إذ الماضي الواقع في جواب "إذا" لا يكون بالفاء، فتعن فيه (قال). وإذا كان كذلك فالظاخر أن القصة الأخرى على هذا النمط في أن (قال) هو الجواب لأنها سيقت سياقا واحد. والثاني: أن الأهل لو أضمر لكن مدلوله مدلول الأول، وملوم أن مدلول الأول جميع الأهل. ألا ترى إذا قلت: أيت أهل قرية كذا، إنما تعني وصلت إليهم، فلا خصوصية لبعضهم دون بعض. والاستطعام في العادة إنما يكون لمن يلي النازل بهم منهم، وهم بعضهم، فوجب أن يقال: استطعما أهلها، لئلا يفهم أنهم استطعموا جميع الأهل وليس كذلك. والله أعلم بالصواب.


(١) الكهف: ٧٧.
(٢) الكهف: ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>