للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٧٨]

[جواب الشرط في قوله تعالى: {إن تتوبا إلى الله}]

وقال أيضا [بالقاهرة سنة اثنتي عشرة] (١) على قوله تعالى: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} (٢): جواب الشرط (فقد صغت قلوبكما)، من حيث الإخبار، كقولهم: إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس. فالإكرام الذي ذكر شرطا سبب للإخبار بالإكرام الواقع من المتكلم أمس لا نفس ألإكرام، لأن ذلك غير مستقيم من وجهين: أحدهما: أن الإكرام الثاني سبب للأول يستقيم أن يكون مسببا. والثاني: أن ما في حيز الشرط في المعنى مستقبل، وهذا ماض محقق في المعنى. وعن الوجه الأول توهم كثير من المبتدئين أن جواب الشرط يكون مسببا ويكون سببا، وهو فاسد. ولو لصح أن يقال: إن تدخل النار كفرت بالله، وذلك معلوم البطلان. فإن قلت: فالاخبار بالإكرام الواقع أمس قد حصل قبل الشرط، وذلك غير مستقيم. فالجواب (٣): أن المعنى على أن ذكر هذا الخبر بعد وقوع الشرط المسبب، وذلك يحصل بعد الشرط، والخبر سبب للذكر لمضمونه. فذكر السبب مستغنى به عن المسبب، ولذلك وجب في مثل هذه المواضع دخول الفاء. لو قلت: إن أكرمتني فأكرمتك، لم يجز. وعلى ما ذكرناه يحمل الجواب في الآية، أي: إن تتوبا إلى الله يكن سببا لذكر هذا الخبر، وهو قوله: فقد صغت قلوبكما. فإن قلت: الآية سيقت في التحريض على التوبة، فكيف تجعل سببا


(١) زيادة من هامش الأصل، ورقة ٤٢.
(٢) التحريم: ٤.
(٣) في د: والجواب. والصواب ما أثبته، لأنه جواب شرط واجب الاقتران بالفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>