للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذكر الذنب؟ قلت: ذكر الذنب متوبا منه لا ينافي التحريض على التوبة ولا سيما إن كان الذنب مشهورا، فيصير المعنى في الآية: إن تتوبا إلى الله يعلم براءتكما من إثم هذا الصغو، لأن الخبر بالصغو سبب لذكره، وذكره متوبا منه سبب للعلم ببراءتهم من إثمه، فاستغني بسبب السبب. ولو قيل: إن جواب الشرط في الآية محذوف للعلم به (١). أي: إن تتوبا إلى الله يمح إثمكما أو يعف عنكما، ثم قيل: فقد صغت قلوبكما، جوابا لتقدير سؤال سائل عن سبب التوبة الماحية. فإن قلت: كان يلزم على ذلك أن يقال: فقذ صغت قلوبهما. قلت: إذا كان الجواب في التحقيق حاصلا فلا فرق بين الأمرين في ذلك، وهو كذلك أحسن هنا، لأن ما ذكرناه أمر تقديري. ألا ترى أنك لو قلت: أنا أحسن إليك لأنك أحسنت إلي، كان أحسن من: لأنه أحسن إلي، لأنه رجوع إلى خطاب من لم يذكر عن مخاطب مذكور. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ٧٩]

[العدول عن المطلوب إلى مسببه وسببه]

وقال أيضا بدمشق سنة ثماني عشرة ممليا على قوله تعالى: {وليجدوا فيكم غلظة} (٢): المأمور في الحقيقة هم المخاطبون، والمأمور به الغلظة، وإن كان في الفظ للكفار، والمأمور به وجدانهم ذلك. ووجهه أن العرب تعدل عن المطلوب تارة الى مسببه لأنه المقصود، وتارة الى سببه تنبيها للمأمرو على


(١) قال أبو البقاء: "جواب الشرط محذوف تقديره: فذلك واجب عليكما أو يتب الله عليكما، ودل على المحذوف (فقد صغت) لأن إصغاء القلب إلى ذلك ذنب". إملاء ما من به الرحمن ٢/ ٢٦٤.
(٢) التوبة: ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>