للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حال من الأحوال إلا لى هذا الحال. فيكون (وحيا) بمعنى: ذا وحي، إما بمعنى: موحيا، وإما بمعنى: موحا. وقوله: {أو من وراء حجاب} متعلق بمحذوف، كأنه قيل: أو موصلا أو موصلا (١) ذلك من وراء حجاب. وقوله: أو يرسل، بالنصب (٢)، عل معنى: أوذا إرسال، عطفا على قوله: وحيا (٣). فلما حذف المضاف منهما وجاءت أن والفعل في موضع المصدر، جاز حذف "أن" كما جاز في قولك: أعجبني قعودك وتكرمني. ويجوز أن يكون (لبشر) غير مستقر، ويكون (إلا وحيا) هو الخبر استثناء مفرغا من عموم الاخبار المقدرة، كأن المعنى: ما كان التكليم إلا إيحاء أو إيصالا من وراء حجاب أو إرسالا، على أنه جعل ذلك تكليما على حذف مضاف، و (لبشر) على ذلك متعلق بما دل عليه (أن يكلمه). لأن المعنى: وما كان تكليم الله لبشر، ولكنه قدم لئلا يلي العوامل الداخلة على المبتدأ حرف (٤)، ألا ترى إلى حسن قولك: ما يكون لي أن أفعل، ما لا يحسن: وما يكون أن أفعل


(١) موصلا: سقتط من د، م.
(٢) وقراءة نافع وأهل المدينة بالرفع. البحر المحيط ٧/ ٥٢٧.
(٣) قال سيبويه: "وسألت الخليل عن قوله عز وجل: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء. فزعم أن النصب محمول عل أن سوى هذا التي قبلها. ولو كانت هذه الكلمة على أن هذه لم يكن للكلام وجه، ولكن لما قال: إلا وحيا أو من وراء حجاب، كان في معنى إلا أن يوحي، وكان أو يرسل فعلا لا يجري على إلا، فأحرى أن هذه، كأنه قال: إلا أن يوحي أو يرسل، لأنه لو قال: إلا وحيا وإلا أن يرسل، كان حسنا، وكان أن يرسل بمنزلة الإرسال فحملوه على أن، إذ لم يجز أن يقولوا: أو إلا يرسل، فكأنه قال: إلا وحيا أو أن يرسل". الكتاب ٣/ ٤٩.
(٤) في الأصل وفي ب: حرفا. والصواب ما أثبتناه لأنه فاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>