للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أن تكون الجملة حالاً، إذ ليس معناها يصح أن يكون عاملا فيها، لأن التقدير: سيقولون هم ثلاثة، وليس فيه ما يصح أن يكون حالاً، وليس فيها أيضاً واو.

ويجوز أن يكون (رابعهم كلبهم) جملة خبرا للمبتدأ المحذوف بعد خبر، فيكون أخبر بخبرين: مفرد وجملة. ويقوي هذا الوجه أن الجملة الثالثة، وهي قوله: وثامنهم كلبهم، جاءت بالواو، والمعنى فيها كالمعنى فيما تقدم. ويتعذر أن تكون صفة مع الواو، لأنك لا تقول: مررت برجل وعاقل، فيتعين أن يكون المراد خبراً بعد خبر، والأخبار إذا تعددت جاز أن يكون الثاني بواو وبغير واو، هذا إن سلم أن المعنى في الجمل واحد. وأما إن قيل: إن قوله: {وثامنهم كلبهم} من قول الله تعالى، استئنافاً لا حكاية عنهم، فيكون تقريراً لكونهم سبعة، ويكون الوقف على قوله: سبعة. ثم أخبر الله تعالى غير حكاية عنهم بأن ثامنهم كلبهم. فيفهم على ذلك أن القائلين بأنهم سبعة أصابوا في ذلك (١)، فلا يلزم على هذا تقوية أن يكون خبراً بعد خبر، يقويه قوله قبله: رجماً بالغيب. ثم ذكر بعد قوله: رجما بالغيب، الجملة الثالثة، فدل على أنها مخالفة لما قبلها في الرجم بالغيب، وإذا خالفتها في ذلك وجب أن تكون صدقاً، إلا أن هذا الوجه يضعف من حيث إن الله تعالى قال: ما يعلمهم إلا قليل. فلو جعلنا قوله: وثامنهم كلبهم، تصديقا لمن قال: سبعة، لوجب أن يكون العالم بذلك كثيراً، فإن أخبار الله تعالى صدق، فدل على أنه لم يصدق منهم أحدا، وإذا كان كذفك وجب أن تكون الجمل كلها متساوية في المعنى، وقد تعذر أن تكون الأخيرة وصفا، فوجب أن يكون الجميع كذلك. والله أعلم بالصواب.


(١) ونقل القرطبي عن قوم أن عددهم سبعة، وإنما ذكر الواو لينبه على أن هذا العدد هو الحق، وأنه مباين للأعداد الأخرى التي قال فيها أهل الكتاب. الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٣٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>