للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبر عنه بفعل الحال تنبيهاً على فظاعته وعظم المعصية به لما فيه من صورة المقاتلة للرد عن سبل الخير الواجب فعلها، والإعانة عليها. ألا ترى إلى قوله تعالى: {فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون} (١). فأتي التكذيب بالفعل الماضي، وأتى القتل بفعل الحال ليخطر السامع مدلولة بباله، ومدلوله إنما هو الحال التي هو عليها، فيتبين حينئذ فظاعته لما فيه من التعدي على رسل الله تعالى الواجب اتباعهم وتعظيمهم، بخلاف التكذيب؛ إذ ليس فيه إلا مجرد كلام لا يبلغ ذلك المبلغ. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ١٢٠]

[إعراب قوله تعالى: {وتركهم في ظلمات لا يبصرون}]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة أربع وعشرين على قوله تعالى: {وتركهم في ظلمات لا يبصرون} (٢).

يجوز أن يكون (تركهم) بمعنى صيرهم. فيجوز أن يكون قوله: (في ظلمات) و (لا يبصرون) مفعولين من باب واحد ذكر أحدهما بعد الآخر (٣)، كما تقول: صيرت زيداً عالماً عاقلاً، لأنها في المعنى أخبار. فكما جاز تعدد الأخبار جاز تعددها. ويجوز أن يكون الأول هو المفعول والثاني حالاً من الضمير المفعول في (تركهم)، أي: تركهم مستقرين في ظلمات في حال كونهم لا يبصرون. ويجوز أن يكون الأول حالاً والثاني هو المفعول، أي: وصيرهم غير مبصرين في حال كونهم في ظلمات، ويجوز و (تركهم) بمعنى: خلاهم، فلا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، فيكون (في ظلمات) و (لا يبصرون)


(١) المائدة: ٧٠.
(٢) البقرة: ١٧.
(٣) قال الزمخشري: "أصله: هم في ظلمات، ثم دخل ترك فنصب الجزأين". الكشاف ١/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>