للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرجكلم. وليس الخفض على المجاوزة، وإنما على الاستغناء بأحد الفعلين عن الآخر، والعرب إذا اجتمع فعلان متقاربان في المعنى، ولكل واحد متعلق، جوزت ذكر أحد الفعلين، وعطفت متعلق المحذوف على المذكور على حسب ما يقتضيه لفظه حتى كأنه شريكه في أصل الفعل إجراء لأحد المتقاربين مجرى الآخر، كقولهم: تقلدت بالسيف والرمح، وعلقتها بالتبن والماء (١). وقال الإمام (٢): إنه مخفوض على الجوار (٣)، وليس يجيد، إذ لم يأت الخفض على الجوار في القرآن ولا في الكلام الفصيح، وإنما هو شاذ في كلام من لا يؤيه له من العرب، فلتحمل الآية على ما ذكر. والله أعلم بالصواب.

[إملاء ١٣٣]

[الجمع بين الناصية وناصية كاذبة في سورة العلق]

وقال وقد سُئل عن قوله تعالى: {لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة} (٤):

فقيل: لم حسن الجمع بين الناصية وناصية كاذبة خاطئة، وهلا اقتصر على أحدهما دون الأخرى؟ فالجواب: أن الأولى ذكرت للتنصيص على ناصية المذكور الناهي، وذكرت الثانية تنبيهاً بالصفة على علة السفع ليشمل بذلك ظاهر أكل ناصية هذه صفتها. والله أعلم بالصواب.


(١) قال الشاعر:
علقتها تبنا وماء بارداً ... حتى غدت همالة عيناها
(٢) هو أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني، إما الحرمين. ولد سنة ٤١٩ هـ وتوفي سنة ٤٧٨ هـ. من كتبه البرهان في أصول الفقه، والإرشاد، والشامل. انظر وفيات الأعيان ٣/ ١٦٧.
(٣) ما قاله الإمام هو: "والمصير إلى أنه محمول على محل (رؤوسكم) أمثل وأقرب إلى قياس الأصول من حمل قراءة الكسر على الجوار. وقال أيضاً: وكسر الجوار خارج عن القانون". انظر: البرهان ١/ ٥٥٠ (تحقيق الدكتور عبد العظيم الديب).
(٤) العلق: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>