للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إملاء ٤]

[مسألة في "إذ" و"إذ"]

وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة سبع عشرة على قول الزمخشري (١): "وقد استقبحوا: إذ زيد قام".

لأنه يلزم منه تغيير خبر الجملة الاسمية عن الاسم إلى الفعل من غير فائدة. ألا ترى أنك إذا قلت: إذ زيد قائم، فهم منه ما يفهم من قولك: إذ زيد قام، وليس كذلك: زيد قام، من غير إذ، لأن هذا التغيير لغرض إفادة المضي، ولا يفيده الخبر إذا كان اسماً، فلا يلزم من صحة تغيير الخبر إذا كان اسماً لغرض مستقيم صحة تغيير لا لغرض مستقيم (٢). فإن قيل: فقد قالوا: إذا زيد يقوم، ولم يستقبحوه. فالجواب: أن ذلك غير لازم، لأن المذهب المعمول عليه أن "إذا" لا يقع بعدها إلا الفعل، فزيد فاعل وليس بمبتدأ (٣)، ويقوم: مفسر للفعل المحذوف، حتى لو جعل (٤) موضعه اسم لم يجز، فلا يرد على هذه القاعدة أصلاً، لأنه واجب أن يكون فعلاً وواجب أن يكون الاسم قبله فاعلاً لأمر مناسب وهو اقتضاؤها الفعل وتفسير المحذوف بفعل بعد الاسم. فإن قيل: فقد قيل: إن "زيد" بعد إذا مبتدأ، وما بعده خبر، فكيف استقام ذلك على هذا المذهب، ولم يستقم: إذ زيد قام؟ قلت: لا التزم توجيه المذاهب الرديئة. ثم أقول على تقدير الالتزام: إن الفرق بينهما من وجهين: أحدهما: أن الفعل المضارع أقرب إلاى الاسم من الماضي، فجاز وقوعه موقعه لقربه ومشابهته له، والذي يؤكده قولهم: جاء زيد يضرب، موضع "ضارباً". ولا يقولون: جاء زيد


(١) المفصل ص ١٧٠.
(٢) انظر الإيضاح لابن الحاجب ١/ ٥١١.
(٣) خلافاً للأخفش. مغني اللبيب ١/ ٩٧ (دمشق).
(٤) في الأصل وفي م، س: جعلت. والصواب ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>